كيف ستتخطى إيران المرحلة الراهنة ؟
دخلت المرحلة الاولى من الحظر الامريكي على ايران حيز التنفيذ صباح اليوم الثلاثاء 7 اغسطس / اب الجاري بعد توقيع دونالد ترامب على امر العقوبات
ترامب وقع قرار انسحاب امريكا من الاتفاق النووي قبل ثلاثة اشهر واعلن بانه سيعيد الحظر على القطاعين التجاري والاقتصادي في ايران خلال فترتين زمنيتين تطبق الاولى بعد ثلاثة اشهر والثانية بعد ستة اشهر .
لقد اعلن ترامب مرارا بان الهدف من هذه العقوبات هو ايصال صادرات النفط الايرانية الى نقطة الصفر، وبالطبع الهدف من ذلك اثارة الازمات والاضطرابات وفي النهاية تغيير النظام الايراني، ولكنه في نفس الوقت يتحدث عن استعداده للحوار مع ايران دون اي شروط مسبقة. رغم ان المؤشرات التي تصل من قبل الجانب الامريكي متناقضة حول تغيير النظام في ايران خلال الاسابيع الاخيرة ، ولكن بمجرد تاجج اي اضطرابات نرى ان المسؤوليين الامريكيين يعتبرون هذا الامر بان مؤشر على صحة سياساتهم تجاه الجمهورية الاسلامية الايرانية
منذ اربعة عقود والامريكيين يبذلون ما بوسعهم لتغيير النظام في ايران . آلية الحظر كانت من اهم آليات ممارسة الضغط على ايران خلال العقود الاربعة الماضية . منذ عام 1996 وعلى عهد الرئيس بيل كلينتون حيث تم التوقيع على قانون "داماتو" الذي يمنع الاستثمار في الصناعات النفطية والغازية الايرانية. ولم تنجح امريكا في بلورة اجماع دولي الا بعد عشرين عاما ، نتج عنه اصدار ستة قرارات ضد ايران في مجلس الامن الدولي . وقد جرى فرض عقوبات شاملة ضد ايران لم تكن مسبوقة في تاريخ منظمة الامم المتحدة
في الحقبة الجديدة من الحظر ايضا جرى فرض اقسى انواع الحظر الامريكي على ايران . ولكن خطة العمل المشترك الشاملة ( الاتفاق النووي ) احبطت الجهود التي بذلتها امريكا على مدى عشرين عام لبلورة اجماع دولي ضد ايران . الاتفاق النووي كشف زيف مزاعم امريكا التي كانت تثار ضد البرنامج النووي الايراني السلمي ، ومن خلال اقراره في مجلس الامن الدولي تمكنت الجمهورية الاسلامية الايرانية من اثبات احقيتها للعالم اجمع . وهذه المسالة باتت تقض مضاجع ترامب والكثير من المعادين لايران في الادارة الامريكية ، حيث انه لم يعد بمقدورهم كيل الاتهامات الواهية ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية وبلورة اجماع ضدها، ليس فقط على مستوى الدول الاوروبية بل على صعيد النخب السياسية الامريكية ايضا. لذلك يصف ترامب الاتفاق النووي بانه اسوا اتفاق في تاريخ امريكا.
ترامب اعاد الحظر ضد ايران بشكل اوسع من السابق في حين ان حلفاءه الاوروبيين والصين وروسيا وحتى الامم المتحدة التي تخضع لنفوذ بلاده تعارض هذا الامر. فتزامنا مع بدء تنفيذ المرحلة الاولى من الحظر الامريكي اعلنت منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي فيدريكا موغيريني وفي بيان مشترك مع وزراء خارجية بريطانيا والمانيا وفرنسا ان الجانب الاوروبي يعمل على ايجاد الية لعدم اغلاق باب الاستثمار في ايران وانها ستصون منافع الشركات التجارية التي تتعامل مع ايران . وجاء في هذا البيان :" نحن عازمون على حماية الناشطين الاقتصادين الاوروبيين الذين يتعاملون مع ايران، في اطار قوانين الاتحاد الاوروبي والقرار 2231 الصادر عن مجلس الامن الدولي
ان ترامب ومن خلال التظاهر باستعداده للحوار تزامنا مع فرض اشد انواع الحظر المشفوع بالحرب النفسية الى جانب الحرب الاقتصادية يحاول اضفاء الشرعية على الصعيدين الداخلي والخارجي على سياساته المعادية للجمهورية الاسلامية الايرانية ، وتقديم ايران على انها بلد شرير يزعزع امن المنطقة ، ولكن سياسة ترامب هذه لم تعد مقبولة عن حلفائه الاوروبيين ايضا
وفي هذا الاطار يقول جاريث كلارك المسؤول السابق في وزارة الخارجية الامريكية وعضو فريق التفاوض النووي على عهد اوباما " ان محاولات فرض حظر خانق على ايران بدون تعاون الصين سيكون امرا صعبا جدا " . وبحسب هذا المسؤول فان امريكا قد تستطيع الاضرار بالاقتصاد الايراني ولكن مرونة ايران الحالية هي اكثر من فترة ما قبل التوقيع على الاتفاق النووي
فالجمهورية الإسلامية الإيرانية أثبتت وفي الأربعين سنة الماضية أن أزمات وعقوبات أشد مما تشهده الآن لم تؤثر قيد أنملة في الانسجام والتلاحم الوطني والوحدة بين آحاد الشعب الإيراني
N.M