كواليس صفقة الأسلحة “السعودية-الكندية” المتورطة بانتهاكات حقوق الإنسان في العوامية
المال والصفقات والإستثمارات والعلاقات الإقتصادية والسياسية التي تؤمن المصالح المشتركة بين سلطات البلدان، دفعت بحقوق الإنسان إلى حافة الهاوية.
ويبدو أن صفعة جديدة توجهها الحكومة الكندية بكف صفقاتها العسكرية والأسلحة والمدرعات المقرر منحها للرياض، وذلك على وقع الفضيحة التي هزت أوتاوا بعد الكشف عن تورط مدرعات كندية في اجتياح العوامية في أغسطس 2017.
هيئة الاذاعة الكندية “سي بي سي” ولأول مرة حصلت على وثائق سرية تحددُ العناصر الرئيسية للاتفاقية الأصلية الموقعة في أوائل عام 2014 والتي وافقت عليها حكومة المحافظين آنذاك، تتعلق الوثائق بتفاصيل صفقة الأسلحة الكندية السعودية المثيرة للجدل التي بلغت قيمتها 15 مليار كندي (12 مليار دولار)، وتحصل السعودية بموجبها على 928 عربة مدرعة تنتجها شركة “جنرال دايناميكس لاند سيستمز” الكندية، كما يشمل العقد بالإضافة إلى المعدات القياسية، توريد 119 مركبة مدرعة مجهزة بمدافع عيار 105 ملم و119 ناقلة جند مصفحة مزودة بأسلحة مضادة للدبابات و119 مركبة مدرعة تحمل مدفع عيار 30 ملم.
وعلى أثر الجدل والإستغراب جراء تفاصيل الصفقات السعودية الكندية على الرغم من تعليقها بسبب مشاركة مدرعات كندية باجتياح العوامية الذي سجل جرائم ضد الإنسانية وانتهاكات بعد استشهاد أمثر من 30 شخصا وإصابة العشرات وما نتج من أوضاع صعبة جراء الهجوم السعودي على البلدة بأسلحة أحنبية، وبعد الكشف عن الصفقة، خرج رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، ليشيى إلى أن بيع بلاده عربات نقل جنود مدرعة إلى الرياض يتوافق مع “المصالح الوطنية الكندية ولا ينتهك حقوق الإنسان”.
وخلال اجتماع للبرلمان الكندي، قال ترودو إن “قرار تصدير الأسلحة في كندا يتُخذ فقط في حال كان هذا يتوافق وسياستنا الدفاعية الخارجية، وبما يكفل عدم انتهاك حقوق الإنسان. ونهجنا في اتفاقنا مع السعودية يتوافق مع التزاماتنا الوطنية والقوانين الكندية”، بحسب تعبيره. صحيفة The Globe and Mail ، كانت قد كشفت في مايو 2015 للمرة الأولى عن تفاصيل الصفقة بين الرياض وأوتاوا، إلا أن الصحيفة لم تمتلك حينها تفاصيل من العقد، الذي اعُتبر أنه يمثل انتهاكا مباشرا للقانون الكندي، الذي يحظر بدوره توريد الأسلحة إلى البلدان التي تنتهك فيها حقوق الإنسان. ورفعت الصحيفة النقاب عن إرسال مدرعات كندية من الرياض باتجاه البحرين ضمن “قوات درع الجزيرة” في العام 2011م بهدف قمع ثورة الرابع عشر من فبراير.
وسبق أن أكد ترودو في العام 2016، أن حكومته لن تلغي هذه الصفقة، مشيرا إلى أن الإتفاق وقعته الحكومة الكندية السابقة المحافظة بقيادة رئيس الوزراء الكندي آنذاك ستيفن هاربر، وأن حلها من قبل السلطات الليبرالية الحالية “سيصبح سابقة فظيعة”، إلا أنه أكد أن الحكومة الكندية ستحاول في المستقبل عدم إبرام صفقات مماثلة، على حد تعبيره.
يشار إلى أن الصفقة التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات تشمل عدداً كبيراً من المركبات المدرعة من النوع الثقيل والمخصصة للهجوم، إضافةً إلى صفقة صيانة من شأنها أن تجعل الشركة المصنعة في مقاطعة أونتاريو تقومُ بتشكيل فرق لها في مواقع متعددة في السعودية.
وعلى أثر انتهاكات حقوق الإنسان التي سجلت في العوامية وهدم حي المسورة الأثري، أصبحت صفقة الأسلحة الكندية موضوع مثير للجدل في منظمات حقوق الإنسان، حيث قارب حقوقيون بين توقيت إبرام الصفقة ورفض كندا التوقيع على معاهدة تجارة الأسلحة التي دخلت حيز التنفيذ في ديسمبر 2014، حيث أن كندا هي البلد الوحيد من أعضاء حلف شمال الأطلسي التي لم توقع على المعاهدة آنذاك بسبب صفقة أسلحتها مع الرياض.