«هآرتس»: «إقالة تيلرسون» تجعل «ترامب» كمدير محل بقالة و«نتنياهو» سعيد
قال معلق صحيفة «هآرتس» العبرية «شيمي شاليف» إن (إسرائيل) وأنصارها اليمينيين في واشنطن سيشعرون بالغبطة لإقالة وزير الخارجية الأمريكي «ريكس تيلرسون» وحلول مدير وكالة الاستخبارات المركزية «مايك بومبيو» محله.
إذ كان يُنظر إلى «تيلرسون» -حسب «شاليف»- على أنه شخص بعيد عن (إسرائيل)، في حين يُنظر إلى «بومبيو» على أنه داعم دافيء.
ففي حين سعى «تيلرسون» للحفاظ على الصفقة النووية الإيرانية، فإن «بومبيو» يتماشى مع مطلب «دونالد ترامب» و«بنيامين نتنياهو» لإصلاحها، أو ربما التخلي عنها بالكلية.
واعتبر «شاليف»، أيضا، تعيين «جينا هاسبيل» خلفا لـ«بومبيو» في وكالة الاستخبارات المركزية مفيدا؛ لأنها كانت مسؤولة عن عمليات مكافحة الإرهاب لسنوات عديدة، وكانت متورطة في الاستخدام المفرط للتعذيب ضد المعتقلين في سجون اميركا السرية».
ومع ذلك، ربما ردود الأفعال تكون مختلفة بشكل ملحوظ في أنحاء كثيرة من العالم وداخل أمريكا على وجه الخصوص؛ حيث تثير إقالة «تليرسون» مخاوف من أن تتحول الولايات المتحدة إلى دولة انعزالية تدير ظهرها لحلفائها التقليديين.
ورغم أن القرار كان متوقعا بشكل عام، إلا أن الإقالة المفاجئة، الذي علم به «تيلرسون» أثناء عودته من جولة في أفريقيا، يسلط الضوء على الفوضى المستمرة التي تبدو سمة مميزة لرئاسة «ترامب»؛ حيث يخرج أناسا كانوا يوما من مساعديه ووزرائه الموثوقين من الأبواب الخلفية إلى الآبد.
وبينما يعتبر كل من «بومبيو» و«هاسبل» من الصقور المعادين لروسيا بالمقارنة حتى مع تيلرسون، فإن إقالته بعد أقل من 24 ساعة من اتهام موسكو صراحة بالمسؤولية عن محاولة قتل الجاسوس السابق «سيرجي سكريبال» في بريطانيا العظمى يمكن أن يعزز الشكوك بأن «ترامب» يحصل على أوامره مباشرة من الكرملين.
العلاقة الغريبة
ووفقا لـ«شاليف»، كان «ترامب» و«تيلرسون» ثنائيا غريبا من البداية؛ حيث كان «ترامب» بالكاد يعرف الرئيس السابق لشركة «إكسون» عندما استدرجه للتخلي عن راتبه الذي تبلغ قيمته ملايين الدولارات من أجل العمل كوزير للخارجية.
وحسب المعلق العبري، كان «تيلرسون» غير راضٍ عن قرار ترامب أحادي الجانب بفرض رسوم جمركية على الفولاذ والألومنيوم؛ حيث حذر من أن هذه الخطوة يمكن أن تقود إلى حرب تجارية دولية، فضلا عن إجهاد العلاقات المتوترة أصلاً مع أقرب حلفاء واشنطن خاصة في أوروبا.
ونقلت الصحيفة تأكيد مصادر في البيت الأبيض إن أحد الأسباب الرئيسية لإقالة «تيلرسون» هو تحفظاته على قرار «ترامب» الصادم بمقابلة الزعيم الكوري الشمالي «كيم يونغ أون»، ويقال إن «بومبيو» كان أكثر دعماً لاجتماع شديد الخطورة مع ديكتاتور كوريا الشمالية.
الخطيئة الكبرى
لكن خطيئة «تيلرسون» الكبرى –وفقا للمعلق العبري- كانت أنه لم يتورط مع «ترامب» إلى الدرجة التي يبدو أن الرئيس يتوقها ويطلبها وهو الموقف الذي كلفه إهانات متتالية من البيت الأبيض.
وبدا أن مصير «تيلرسون» حُسم في أكتوبر/تشرين الأول الماضي حين نُقل عنه وصفه لـ«ترامب» بـ«الأحمق».
وباعتباره شخصا بنى مسيرته المهنية بلغة صناعة النفط، فإن «تيلرسون» كان مرعوباً في كثير من الأحيان من التأثير المضطرب الذي أحدثه «ترامب» في الشؤون الداخلية والدولية.
ومن المؤكد أن «تيلرسون»، الذي كرس سنوات طويلة لحركة الكشافة، كان مرعوبًا لسماع «ترامب» يشن الهجمات السياسية القاسية، بالإضافة إلى التلميحات الجنسية في خطابه الذي ألقاه في يوليو/تموز أمام جمهور الكشافة.
لكن «ترامب» لم يكن وحده غير راضٍ عن تيلرسون.
إذ يرى «شاليف» أن قادة العالم أدركوا سريعا أن وزير الخارجية لم يكن يتحدث دوما نيابة عن رئيسه.
كما أنه لم يول القدر الكافي من الاهتمام للقطاع الحكومي الذي كان مسؤولا عنه حيث قبل التخفيضات الصارمة في ميزانية وزارة الخارجية، ورفض اعتماد العديد من التعيينات العليا لدبلوماسيي الرتب المدفوعة ما دفعهم للبحث عن مستقبلهم في مكان آخر.
أقل تناغما
من ناحية أخرى، يبدو أن «بومبيو» أكثر تناغماً مع ترامب، شخصياً، إن لم يكن في كل الأمور المتعلقة بالسياسة.
وعلى عكس «تيلرسون»، الذي كان غريباً عن طرق واشنطن السياسية، عمل «بومبيو» لمدة ست سنوات كعضو في الكونغرس عن كانساس، وهو محبوب على نطاق واسع في كابيتول هيل، وخاصة بين الجمهوريين.
ويمكن لتعيينه أن يخفّف من بعض الهلام والفوضى التي كانت السمة المميزة لسياسة «ترامب» الخارجية، وفقا للمعلق العبري.
من ناحية أخرى، فإن الإطاحة بـ«تيلرسون» تسلط الضوء على تطهير «ترامب» المستمر للمسؤولين الذين كانوا أكثر ولاءً لمهمتهم وليس له.
ومن المحتمل أن يكون مستشار الأمن القومي، «إتش آر ماكماستر»، الذي تم تحذيره بالفعل عبر التسريبات في الصحافة بشأن إقالته الوشيكة، التالي في القائمة؛ ما سيسعد «نتنياهو» أيضا.
ويرى «شاليف» أن الطريقة المفاجئة لإقالة «تيلرسون» لن تشجع بالتأكيد الآخرين على قبول مناصب عليا في إدارة «ترامب»، خوفًا من أن يكون خروجهم سريعًا وغاضبًا.
وفي النهاية، يقول معلق «هارتس» إن رحيل «تيلرسون» قد يتم ربطه بخطابه المتشدد ضد روسيا خاصة بعد اتهامها بالتورط في محاولة الاغتيال المزعومة في بريطانيا، كما أن توقيت إعلانه الصادم يمكن أن يكون أيضًا جزءًا من محاولة لصرف الانتباه عن الإذلال المحتمل للفوز الديمقراطي في الانتخابات الخاصة التي ستجري يوم الثلاثاء في المنطقة الثامنة عشر بولاية بنسلفانيا التي يسيطر عليها الجمهوريون.
لكن الأمر المؤكد هو أن إقالة «تيلرسون» ستزيد من مخاوف العالم بشأن الطبيعة المتقلبة لرئاسة «ترامب»، الذي يدير حكومته بطريقة أشبه بمحل بقالة، ويشعر العديد من زعماء العالم بالقلق من ما يرون أنه رغبة من الرجل في خداع الحلفاء في الخارج والموالين في الداخل عندما يناسبه، وهو مصير يشعر «نتنياهو» لسبب ما أنه محصن منه.