تل أبيب: بن سلمان عازمٌ على توثيق العلاقات مع الكيان الصهيوني
رأت المحررة المسؤولة في موقع “المصدر” الصهيوني شيمريت مئير أنّ السعودية مهتمة جدًا في موضوع التعامل مع الكيان الإسرائيليّ، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّ وليّ عهدها محمد بن سلمان، التقى عددًا من الزعماء اليهود مؤخرًا، حسب تعبيرها. ومن الجدير بالذكر أنّ الموقع المذكور مُقرّب جدًا من وزارة الخارجيّة الإسرائيليّة، ويُعتبر بشكلٍ أوْ بآخرٍ، الناطق غير الرسميّ بلسان حكومة بنيامين نتنياهو، وخصوصًا لأنّ الأخير يتبوّأ أيضًا منصب وزير الخارجيّة، ويقوم تباعًا بتمرير الرسائل الصهيونيّة إلى العرب، قيادةً وشعوبًا.
ونقلت مئير، وهي مُستشرقة عن مصادر في تل أبيب، لم تكشف النقاب عنها، أنّ هناك انطباعًا بأنّ الأمير بن سلمان جادّ جدًا، وعازم على تطبيق برامجه، والتي من ضمنها التعاون مع إسرائيل، مُضيفةً في السياق نفسه أنّ إحدى تجليّات هذا التغيير هو تصريحات أمين رابطة العالم الإسلام محمد العيسى، الذي شجب ما يسمى بـ”المحرقة اليهودية” في اليوم الدوليّ لذكراها وأثار نقاشًا في العالم العربيّ، على حدّ تعبيرها.
ووفق المحررة الرئيسية في الموقع الإسرائيليّ، طُرِح اقتراح أنْ يقوم الأمير بن سلمان بزيارة متحف “الهولوكوست” في العاصمة الأمريكيّة واشنطن، لينقل رسالة ضدّ ظاهرة إنكار “الهولوكوست”، التي ما زالت سائدةً في العالم العربي، وفق قولها.
وأردفت مئير قائلةً، نقلاً عن المصادر عينها، إنّ أهداف الملك السعوديّ القادم طموحة للغاية، فهو يسعى إلى إعادة بناء الاقتصاد السعوديّ، وتجنيد الدعم لإضعاف التفوق الإيراني في المنطقة ، وهزيمة قطر في المنافسة في المنطقة وإضعاف تركيا، وتحقيق الهدوء الأمريكيّ في الوقت الذي تتخذ فيه السعودية خطواتها الأولى لتطوير برنامجها النوويّ.
علاوة على ذلك، لفتت المُستشرقة الإسرائيليّة في سياق “تحليلها” إلى أنّ الأمير ابن سلمان يعلم أنّه من أجل تحقيق هذه الأهداف الطموحة، يجب عليه أنْ يُحافظ على أحد أهم الأصول وهو التقارب من الإدارة الأمريكيّة، ولتحقيق ذلك، وتغيير أمور تبدو غير قابلة للتغيير ومنها صورة السعودية السيئة في نظر الأمريكيين عليه أن يعمل كثيرًا، حسبما نقلت عن المصادر في تل أبيب.
على صلةٍ بما سلف، كشف تقرير لوكالة “بلومبرغ”، اقتبسه الإعلام العبريّ، أنّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو يُعارض أيّ اتفاق يسمح للشركات الأمريكيّة ببناء مفاعل لإنتاج الطاقة النووية في السعودية.
ونقلت الوكالة عن رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكيّ السيناتور بوب كوركر قوله إنّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ أعرب خلال زيارته إلى واشنطن، والتي انتهت أمس الخميس، عن معارضته الشديدة لأيّ اتفاقٍ يسمح للسعوديين بتخصيب اليورانيوم وإعادة تصنيع البلوتونيوم، وذلك خلال اجتماع مغلق مع لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكيّ، كما أكّدت الوكالة
علاوةً على ذلك، ذكّرت الوكالة الأمريكيّة إنّ وزير الطاقّة الأمريكيّ، ريك بيري زار العاصمة البريطانيّة لندن الأسبوع الفائت على رأس وفد للقاء المسؤولين السعوديين وبحث إمكانية إبرام صفقة ببناء ستة عشر مفاعلًا نوويًّا في السعودية خلال الأعوام الخمسة والعشرين المقبلة بتكلفة تزيد عن 80 مليار دولار.
هذا وأشارت الوكالة إلى المعارضة الموجودة في الكونغرس حيال إبرام مثل هذه الصفقة، والى أنّ السيناتور كوركر نفسه (رئيس لجنة العلاقات الخارجيّة بمجلس الشيوخ)، هو من بين المعارضين.
ونُقل عنه أيضًا أنّه أبلغ وزير الطاقّة الأمريكيّ بيري بأنّ أيّ اتفاقٍ لا يحظر أنشطة التخصيب سيكون مدعاة للقلق، وبأنّ أعضاءً من الحزبين الجمهوريّ والديمقراطيّ في الكونغرس يُعارضون أيّ اتفاقٍ يسمح للسعوديين بتخصيب اليورانيوم.
كذلك نقل الموقع عن عضو مجلس الشيوخ عن الحزب الديمقراطي السيناتور، دايان فينستين، قولها إنّها لا ترى أيّ سبب لدعم انتشار الأسلحة النووية، موضحةً في الوقت عينه أنّها هي أيضًا تعارض أيّ اتفاقٍ يسمح للسعودية بتخصيب اليورانيوم.
يُشار إلى أنّه بمُوافقةٍ أمريكيّةٍ، تنتهج إسرائيل سياسة الغموض في كلّ ما يتعلّق بترسانتها النوويّة، وفي هذا السياق لفت البروفيسور أفنير كوهين، مؤلّف كتاب “إسرائيل والقنبلة” إلى أنّ الغموض تكللّ بالنجاح وشكلّ حالة إدراك استراتيجيّ عميقة، فلإسرائيل احتكار صامت في الشرق الأوسط للموضوع النوويّ، والغموض سمح للجميع على مرّ السنوات، وبشكلٍ شبه مطلقٍ، تجاهل هذا الموضوع ممّا أضعف لدى العرب الحافز على التسلح النوويّ، مُوضحًا أنّه في الغموض كثير من مظاهر الحذر، لأنّه ينشئ فاصلاً بين السلاح النوويّ والقضايا الأمنيّة الأخرى، على حدّ تعبيره.