حيفتس عمل لسنوات على جمع أدلة ضد عائلة نتنياهو

قال مقرب من المستشار الإعلامي السابق لعائلة نتنياهو، نير حيفتس، يوم امس الثلاثاء، أن الأخير عمل على جمع أدلة ضد رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو وزوجته ساره، لمدة سنوات، بحسب هيئة البث الإسرائيلية "كان".

وأوضح أن حيفتس، الذي وقع اتفاقية "شاهد الملك" مع الشرطة الإسرائيلية في إطار التحقيق في قضايا الفساد التي يشتبه فيها نتنياهو، "أبقى المعلومات خارج منزله حتى لا تضع الشرطة يديها على الأدلة ليتمكن من استخدامها بمثابة بطاقة مساومة أثناء التحقيق مع الشرطة".

وأشار إلى أن "حيفتس يتحضر منذ زمن لاحتمال مثل هذا (خضوعه للتحقيق بتهم فساد)، وأنه عمل على إعداد ملف منظّم ضد الزوجين نتنياهو"، وتابع أن حيفتس "في وقت ما، أدرك أن بعض الطلبات الموجهة إليه قد تورطه، ومنذ ذلك الحين كان يستعد ليوم الحساب".

ونقلت "كان" عن المقرب من حيفتس قوله: "أخبأ حيفتس ملف الأدلة خارج المنزل، تحسبًا لحالة وصول الشرطة"، وأضاف أن حيفتس ونتنياهو ليسوا أصدقاء، بل عملوا بناء على المصالح المتبادلة، لم يكن هناك اتصال أيديولوجي بينهما، الرابط كان مهنيا فحسب".

وفي السياق ذاته، لا تنوي الشرطة التحقيق في أقوال "شاهد الملك" في "الملف 4000"، حيفتس، إن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، كان رهن إشارة زوجته ساره وابنه يائير، حتى في القرارات الأمنية، وفقا لما نقلت القناة الإسرائيلية عن مصادر مطلعة على التحقيق.

وأشارت القناة إلى أن شهادة حيفتس سوف ترتكز على الملفات 1000 و2000 و4000، وستستند إلى جملة أمور منها الرسائل النصية والتسجيلات التي قدمها للمحققين. كما أوضحت الشرطة اليوم أن جزءا كبيرا من المعلومات التي نشرتها وسائل الإعلام عن شهادة حيفتس لم تقدم بعد للمحققين.

هذا و قد أجمع المُحلّلون في الإعلام العبريّ على أنّ تحوّل نير حيفيتس، مُساعد رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، من مُتهمٍ بقضايا فساد تشمل تلقّي ومنح رشاوى، وخيانة الأمانة والاحتيال، إلى شاهد ملك ضدّ نتنياهو في ملّف 4000، الأكثر حساسيّةً في رزمة الشبهات والاتهامات ضدّه، أجمعوا على أنّ هذا التطوّر ربمّا سيكون بمثابة رصاصة الرحمة على حياة رئيس الوزراء الإسرائيليّ السياسيّة.
وفي هذا السياق، لاحظ كبير المُعلّقين في صحيفة (يديعوت أحرونوت)، ناحوم بارنبيع، أنّ الشهادة التي أدلى بها حيفيتس، والذي يُواصل تزويد المُحققين بمعلوماتٍ جديدةٍ ومُثيرةٍ عن عملية اتخاذ القرارات، لم تُوجّه إلى نتنياهو فقط، بل الأخطر والأهّم من ذلك، إلى مؤيّديه وناخبيه، خصوصًا وأنّه، بحسب التسريبات، اتخذّ نتنياهو عددًا من القرارات الأمنيّة الخطيرة خلافًا لتوصيات رئيسي جهازي الموساد والشاباك، التابعيْن له مباشرةً، واعتمد على نجله الكبير يائير، الذي بحسب الإفادة الجديدة، كان يصرخ عليه، فيما كانت زوجته، سارة، تتدّخل في كلّ صغيرةٍ وكبيرةٍ، وفي نهاية المطاف، أفادت وسائل الإعلام العبريّة خضع نتنياهو لضغوط ابنه وزوجته واتخذّ القرارات الأمنيّة التي وُصفت بالخطيرة جدًا، بناءً على رأيهما، وخلافًا للتوصيات المهنيّة لقائدي أهّم جهازيْ استخبارات في الدولة العبريّة.
وبحسب (يديعوت أحرونوت) فإنّ القضيتين الأمنيتين اللتين خضع فيهما نتنياهو لإملاءات زوجته وابنه هما: إغلاق أبواب المسجد الأقصى المُبارك في السنة الماضية، أمام المُصلّين المُسلمين، ووضع البوابات الالكترونيّة لفحصهم، الأمر الذي أثار عاصفةً سياسيّة وأمنيّة كبيرة، ودفع الحكومة الإسرائيليّة بعد ذلك إلى إلغاء الفحص الالكترونيّ للمصلين.
أمّا القضية الثانية، فتتعلّق بالأزمة بين تل أبيب وعمّان، بعد قيام حارس السفارة الإسرائيليّة في المملكة الهاشميّة بقتل مواطنين أردنيين اثنين، ومن ثمّ الهرب إلى الدولة العبريّة، حيث استقبله نتنياهو والسفيرة آنذاك، عينات شلاين، استقبال الأبطال، الأمر الذي أغاظ الأردنيين، وأدّى إلى تأزّم العلاقات بين البلدين، كما أكّدت المصادر في تل أبيب.
وقالت القناة العبريّة الثانيّة في التلفزيون الإسرائيليّ إنّ تطورات جديدة طرأت على الملّف “4000”، وهو الملّف الأبرز والأهم بين قضايا الفساد التي يتّم التحقيق فيها مع نتنياهو. ويدور الملّف حول العلاقة التي تربطه بقطب الاتصالات، شاؤول ألوفيتش، الذي يملك موقع (WALLA) الإلكترونيّ وشركة “بيزك” للاتصالات، حيث يُشتَبه بتلقيه تسهيلات من نتنياهو، مُقابل حصول الأخير على رشاوى منه، هو وزوجته.
وكانت الشرطة قد فتحت تحقيقًا واسعًا وسريًّا، وسرعان ما تبينّ أنّ الملّف المعروف إعلاميًّا بـ”قضية بيزك” يحتوي على العديد من المفاجآت، خاصة أنّ المشتبهين بالضلوع في القضية ليسوا فقط من قطاع الأعمال.
وأظهر الملف 4000 وجود علاقة بين نتنياهو ومقربه المدير العام لوزارة الاتصالات، شلومو فيلبر، مع شركة “بيزك” التي يُسيطر عليها رجل الأعمال ألوفيتش، بموجبها يحصل الأخير على تسهيلاتٍ ومناقصاتٍ، تُقدّر قيمتها بمئات الملايين من الشواقل، مقابل تغطية إعلاميّة داعمة لنتنياهو وزوجته سارة في موقع “واللا” المملوك لألوفيتش. وقد تحوّل فيلبر إلى شاهد ملك ضدّ نتنياهو، والآن كُشف النقاب عن أنّ الشخص الذي أسماه الإعلام العبريّ بـ”الرجل الذي عرف أمورًا أكثر من اللازم”، نير حيفيتس، انضمّ هو الآخر للمُعسكر المُعادي لنتنياهو، وبات يُزوّد الشرطة بمعلوماتٍ لم يعرفها المُحققون من ذي قبل، على حدّ تعبير المصادر المطلعّة على تفاصيل التحقيق.
وأكّدت التقديرات على أنّ الشخصية التي تُشكّل مفتاحًا للملّف 4000 هو الرئيس التنفيذيّ لموقع (WALLA)، إيلان يشوعا، والذي أصدر الأوامر المباشرة لتغطيةٍ منحازةٍ للزوجين نتنياهو، ورقابة مباشرة ومنع نشر تقارير تنتقد نتنياهو، كما عمل على إخفاء فضيحة مساكن مقر رئيس الحكومة، وضمن تغطية إعلامية لمصلحة سارة نتنياهو، كما أخفى الأخبار التي تنتقد رئيس الوزراء وزوجته وزجّ بها في هوامش الموقع أحيانًا وأخفاها أحيانًا أخرى.
من ناحيتها، كشفت صحيفة “هآرتس” العبريّة، النقاب عن أنّ يشوعا مارس هذه السياسة رغم اعتقاده أنّ نتنياهو يُدمّر الدولة، إلّا أنّ الأوامر صادرة من أعلى، وفي محادثات مع الصحافيين العاملين بالموقع، ربط أيضًا الرقابة على القرارات التنظيمية لوزارة الاتصالات، والتي يقف نتنياهو على رأسها، والتي تتعلق مباشرة بأرباح “بيزك”.
وأفادت وسائل الإعلام العبريّة اليوم الثلاثاء أيضًا أنّ حيفيتس، الذي عمل مع نتنياهو حوالي سبعة أعوام، زوّد مُحققي الشرطة بمعلوماتٍ جديدةٍ في الملّف 1000 حول تلقّي نتنياهو وزوجته رشاوى من رجل الأعمال الإسرائيليّ-الأمريكيّ، أرنون ميلتشين، وهي معلومات لم تكُن معروفة حتى الآن للشرطة.