#فلسطينيةتهاجمالخليج.. من وراء وسوم الكراهية وما هدفه؟
يشهد الفضاء الإلكتروني استخدامات مثيرة للجدل لمواقع التواصل الاجتماعي، تستحق تسليط الضوء عليها، مثل بث الكراهية والعنصرية والتفرقة بين الشعوب، على خلاف الهدف الذي أنشئت لأجله هذه المنصات للتواصل الاجتماعي، التي تهدف للتعارف والتواصل والمشاركة.
وخلال الفترة الماضية، انتشرت العديد من المصطلحات الصادمة على مواقع التواصل لدى الناشطين العرب، التي تجيّش الناس في قضية معينة تحرض على الكراهية والتفرقة على أساس عنصري، مثل #عرب_الشمال و #عربان_العرب، كما شهده هاشتاغ #فلسطينية_تهاجم_الخليج.
وأثار انتشار الهاشتاغ الأخير -الذي احتوى على كمية كبيرة من دعوات العنصرية- استغراب الكثيرين بسبب سهولة التحشيد ضد شعب كامل بسبب شخص واحد، إذ وصل معدل المشاركة في الهاشتاغ على "تويتر" وحده 1163 تغريدة في الساعة.
وكانت فتاة فلسطينية تعيش في أمريكا انتقدت السعودية ودولا خليجية، وهاجمتها، واتهمتها بالتخلي عن القضية الفلسطينية، عبر فيديو تم تداوله بشكل واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أثار عاصفة من التعليقات، تنوعت بين مهاجمة لعموم الفلسطينيين، وأخرى ترى أنه يجب عدم التعميم على حالة فردية.
وهذه ليست المرة الأولى التي تشهد فيها مواقع التواصل الاجتماعي مثل هكذا تجييش ضد شعبين عربيين، إذ سبق أن شهد "تويتر" أمرا مماثلا في:
- الأزمة الخليجية مع قطر
- قضية تيران وصنافير بين السعودية ومصر
- الأزمة اليمنية والدور السعودي فيها
- السعودية ولبنان في قضية "احتجاز" سعد الحريري
وأثيرت العديد من المرات تحليلات، تناولت قدرة التحشيد على مواقع التواصل وتصدير بعض القضايا، لا سيما التي تحرض على الكراهية والعنصرية، وإن كان هناك من يدفع باتجاهها، وأخرى رأت أن هناك لجانا إلكترونية تقف وراء الأمر.
وتابعت تقارير عالمية ظاهرة التغريد باستعمال أسماء وهمية في السعودية، حيث تنشر حسابات تستخدم أسماء عائلات سعودية وصور أشخاص حقيقية حوالي مئة تغريدة يوميا، غالبيتها تغريدات وهمية، بحسب تقرير لهيئة "بي بي سي" البريطانية.
وتحدث التقرير الذي ترجمته "عربي21" عن قدرة اللجان الإلكترونية على تخريب نقاشات إلكترونية أو خلقها عبر استخدام روبوتات دعائية.
وتستخدم اللجان الإلكترونية أيضا برامج حاسوبية تستغل مواقع التواصل الاجتماعي، وتبدو شخصا حقيقيا لنشر الدعاية، ويبدو أن خطورة هذه اللجان تزداد مع الوقت، لا سيما مع بث خطاب الكراهية والتحريض على الشعوب الأخرى.
من جهته، تناول الاستشاري الإعلامي الاجتماعي، خالد صافي، هذه الحملة من الكراهية التي تبث عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتهدف إلى التفرقة بين العرب.
ووافق صافي استنتاجات "بي بي سي"، من أن هناك لجانا إلكترونية وراء هذا الأمر، وأوضح لـ"عربي21" أنها "تقوم بنوع من الفتن، وبثها من خلال الوسوم التحريضية، التي تزيد شعلة التوتر بين فلسطين من ناحية ودول الخليج من ناحية أخرى".
واستدل على ذلك بالمقطع الأخير الذي تم نشره على حساب وهمي، تناول رسالة كراهية ردا على الفتاة التي هاجمت السعودية، وقال: "عند رصد الفيديو، وجدنا أنه لا يوجد لهذا الحساب متابعين، ولكن الغريب أنه حظي بأكثر من ألفي إعادة تغريد في أول دقيقة من نشره".
وأكد أن ذلك يعني أن "هناك لجانا إلكترونية تعمل بشكل دؤوب على نشر هذه المواضيع التحريضية التي تبث الكراهية وتنشر المقاطع، التي من شأنها أن تحرض الأطراف على بعضها".
وأشار إلى أن هذا الأمر سبق أن وجد في "تويتر"، من خلال ما تم رصده سابقا، مثل الوسوم العنصرية #القدس_ليست_قضيتنا أو #الرياض_أهم_من_القدس.
وعن الهدف من نشر هذه الوسوم وتوجيهها للجمهور العربي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أوضح أن نشر هذه الوسوم يهدف إلى تغذية الحمية العصبية والقبلية والتفرقة بين العرب.
وأشار إلى أن حملات إلكترونية وصفها بـ"المشبوهة"، شهدها "تويتر"، تروج إلى أن "السلام مع إسرائيل أفضل من دعم الفلسطينيين"، موضحا أن الجهات التي تقف خلف هذه الحملة مجهولة، ولكنها تتحدث بلسان عربي، وربما ليس من ورائها جهات عربية فحسب، بل ربما إسرائيلية، تستغل هذه اللجان الإلكترونية التي تعمل على نشر العصبية والحمية، فتركب الموجة وتستغلها، لاستفزاز المغردين السعوديين، ولاستفزاز المغردين الفلسطينيين بشكل كبير حتى ينخرط الطرفان في ردود فعل عصبية.
وأكد أن المستفيد الأول من مثل هذه الكراهية بين الشعوب العربية والإسلامية هو الاحتلال الإسرائيلي، مشيرا إلى أن المطلوب من ذلك "تغييب الأجيال القادمة عن عمق القضية الفلسطينية وتحييدها، وجعلها فقط قضية الفلسطينيين".
وحذر من أن "من يمسك الدفة الآن هم أصحاب اللجان الإلكترونية، فهم من يصدرون الوسم أو التغريد أو الحملة، وللأسف يقتصر دور النشطاء والمغردين على رد الفعل فقط".
ونبّه إلى أن الكثير من النشطاء الفلسطينيين وجدوا أنفسهم الآن بحاجة للدفاع عن فلسطين في أمور يفترض أنها من المسلمات والأمور والقضايا المجمع عليها، وأصبحوا من خلال محاولتهم إثبات الحق الفلسطيني يقعون من خلال منشورات موجهة، ويتم استفزازهم للانخراط في حملة الكراهية.
وعن "الطريقة الأسلم" لمحاربة حملات الكراهية الإلكترونية، قال صافي إنه يجب:
- عدم التعامل مع اللجان الإلكترونية أو ما يسمى "الذباب الإلكتروني" أو التفاعل معه.
- محاولة إيجاد منصة عربية تحاول أن تعيد البوصلة لفلسطين، وتتصدى لمحاولات بث الكراهية.
- إيجاد مؤسسات تعنى بتصدير القضايا التي تقرب وجهات النظر بين الشعوب العربية.
بحاجة إلى أن نتجاوز مرحلة رد الفعل، لنكون أصحاب الفعل أولا.
وأوضح أنه "كان يفترض بنا قبل إيجاد الفتاة الفلسطينية التي تهاجم الخليج أن نجد فلسطينية تحب الخليج، وكان يفترض بنا عوضا عن أن نجد هاشتاغ #ـالرياض_أهم_من_القدس أن نجده هاشتاغ #القدس_قضية_العالم_العربي_والإسلامي.
وبالفعل، اضطر العديد من النشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي، بعد ما أثير من تحريض وكراهية عقب فيديو الفتاة الفلسطينية، إلى أن يقوموا بتغريدات وفيديوهات ترد على دعاوي العنصرية والتحشيد.
وتضمنت مشاركات الكراهية على موقع "تويتر"، خصوصا، صورا، وفيديوهات، وتسجيلات صوت، ومنشورات ساخرة، وأخرى مسيئة، ومصطلحات عنصرية.