موقع أميركي: الأمر الخطير الذي تجاهله خطاب ترامب قد يوتر الخليج

فات الإدارة الأميركية الكثير في اليمن؛ بسبب تخبط إدارة ترامب بين دعم السعودية والإمارات، وتقليل الخسائر الإنسانية المتكررة في البلد العربي الأكثر فقراً، بأيدي ما يسمى قوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية.

وقال موقع "ذا ناشيونال إنترست" الأميركي، الإثنين 19 فبراير/شباط 2018، إن خطاب ترامب الأخير أمام مجلسي الكونغرس، تجاهل اليمن رغم أن الكثير من الموضوعات التي اختار الرئيس أن يتكلم عنها، ومع ذلك كُتبت له.

وبينما انتقدت إدارة ترامب السعودية لإغلاق موانئ اليمن في شهر ديسمبر/كانون الأول 2017، صمت البيت الأبيض عن الدمار الذي ألحقته السعودية بأهدافٍ مدنية في حرب اليمن المستمرة حتى الآن، بحسب الموقع الأميركي.


الدعم الأميركي للسعودية
وقدمت الولايات المتحدة، بشكل مستمر، مساعداتٍ مكَّنت السعودية من الاستمرار في عملياتها العدوانية ضد اليمن. وبدلاً من الإبقاء على حالة الصمت والإذعان تلك تجاه العدد الكبير من أخطاء السعودية في اليمن، فإن الولايات المتحدة ينبغي لها أن تستغل نفوذها الضخم لدى السعوديين؛ لإقناعهم باتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة، لتقليل أثر حملة القصف هذه على المدنيين من أهل اليمن، وهو ما يخاطر بالمزيد من تفاقم الامر، بحسب الموقع الأميركي.



وبحسب الموقع الأميركي، لم يكن خيار الولايات المتحدة بدعم العدوان على اليمن الذي تقوده السعودية، ومرتزقة هادي، أمراً مستغرباً. فلطالما كانت السعودية من بين أهم حلفاء الولايات المتحدة وأكثرهم ثقة في الشرق الأوسط؛ بسبب الحجم الهائل لصادراتها البترولية، وشرائها الاسلحة، ورغبتها في الاصطفاف مع أميركا بالجهود المشتركة لإعاقة التفوق الاقليمي الإيراني في المنطقة.

بالإضافة إلى ذلك، لكلٍ من السعودية والولايات المتحدة مصالح مؤكدة في منع انتصار ابناء الشعب اليمني، خوفاً لها بتهديد السعودية من جهة حدودها الجنوبية. وبسبب هذه المصالح، ازداد الدعم الأميركي للتحالف تحت إدارة ترامب، كما ظهر في الموافقة على صفقة أسلحة بقيمة 110 مليارات دولار إلى السعودية، وزيادة الجهود الأميركية لإعادة تزويد الطائرات السعودية بالوقود؛ لتمكينها من تنفيذ هجمات على الشعب اليمني .


القاعدة قوَّت شوكتها بعد "عاصفة الحزم"
ويضيف الموقع الأميركي: "لسوء الحظ، فإنَّ التبعات السلبية لأفعال السعودية في اليمن تتجاوز المخاوف الإنسانية الكبيرة. فتنظيم القاعدة، الذي لطالما كان ذا حضورٍ قوي باليمن، ازداد نفوذه خلال الحرب ، وهي الفترة التي ركزت السعودية كل جهودها العسكرية تقريباً في مهاجمة انصار الله على حساب استهداف هذا التنظيم الارهابي. وحصلت القاعدة على دعمٍ كبير من خلال نقل الأسلحة من السعودية إلى عددٍ من الميليشيات المتصلة بالقاعدة في اليمن، وهو ما نتج عنه بشكلٍ طبيعي انتقال الكثير من هذه الأسلحة إلى أيدي الارهابيين. 

وعلاوةً على ذلك، فإنَّ التكتيكات العدوانية للجيش السعودي قد جعلت الكثير من اليمنيين ينظرون إلى السعوديين كقوة استعمارية تزعزع استقرار بلادهم، وهو ما مكَّن القاعدة من زيادة تجنيد اليمنيين في شبه الجزيرة العربية. وكلما طال أمد النزاع، زادت الأضرار التي تلحق السكان المدنيين على يد السعوديين، وزاد خطر إعادة ترسيخ القاعدة وتوسيع موطئ قدمها في شبه الجزيرة العربية".

وبالإضافة إلى ذلك، فإنَّ تدخُّل السعودية في اليمن لم يترك كثيراً من الزخم الإيجابي لإنهاء الصراع؛ بسبب كل الدمار الذي تسبب فيه. فبعد نحو 3 سنوات من الحملة السعودية، أصبح اليمن أكثر انقساماً الآن مما كان عليه عند دخول العدوان إلى الصراع، كما هو واضح من حوادث العنف الأخيرة بمدينة عدن بين مجموعاتٍ كثيرة كانت في الظاهر متحالفة وبصف ما يسمى التحالف السعودي، بحسب الموقع الأميركي.


انصار الله  ازدادوا قوة
وبحسب الموقع الأميركي، فإنه حتى بعد الانفصال الأخير لحركة انصار الله عن أنصار الرئيس المتوفى حديثاً علي عبد الله صالح، فإنَّ انصار الله لم يُظهروا أي علاماتٍ على قرب الهزيمة، وعُطِّلَ الهجوم الحكومي لاستعادة العاصمة صنعاء، الواقعة تحت سيطرة انصار الله، بشكلٍ كبير. وبينما يصطف المجتمع الدولي دعماً لمحادثات السلام القادمة، التي من المقرر أن تُعقد في اليمن.

وينبغي للولايات المتحدة، بغرض منع اليمن من الانزلاق أكثر إلى الفوضى، أن تبذل جهداً للضغط علناً وسراً على الحكومة السعودية لتعديل استراتيجيتها العسكرية في اليمن. ومن غير المحتمل أن تُقنع الولايات المتحدة السعودية بالتخلي عن حملتها بشكلٍ كلي، وليس هذا الأمر في مصلحة البلدين بالضرورة. ومع ذلك، أظهرت السعودية بعض الرغبة في الاستجابة للضغط العام حول هذا الموضوع بالماضي، كما ظهر في انصياعها للدعوات العامة المستمرة من قِبل الولايات المتحدة لإنهاء حصارها للموانئ في شهر ديسمبر/كانون الأول 2017، بحسب الموقع الأميركي.

وعلاوةً على ذلك، فإن للولايات المتحدة نفوذاً كبيراً بالسعودية، يمكنها استخدامه للتأثير في سلوك السعودي. فقد سمحت المساعدات الأميركية لإعادة تزويد الطائرات السعودية بالوقود، للسعوديين بالانخراط في هجماتٍ جوية أطول وأكثر طموحاً، استخدمت فيها السعودية صواريخ أميركية الصنع لمهاجمة أهدافها.

واشتراط تغيير التكتيكات بهدف الحدّ من الإضرار بالأهداف المدنية مقابل استمرار مثل هذا الدعم، سوف يُعطي السعودية حافزاً كبيراً لتعديل سلوكها؛ إذ سيجد السعوديون أنَّه من الصعب الاستمرار في حملة التحالف هذه مع تقليل الدعم الأميركي، بحسب الموقع الأميركي.


الخلاف بين السعودية والإمارات

وتابع الموقع الأميركي: "أخيراً، فإنَّ التوترات الأخيرة بين السعودية وحليفها الأبرز في التحالف، الإمارات العربية المتحدة، بخصوص النهاية المرغوب فيها لهذا الصراع- تمثل فرصة ممتازة لإدارة ترامب لمشاركة السعوديين في تغيير تكتيكاتهم. فما بين دعم السعودية حزب الإصلاح المتصل بالإخوان المسلمين، وتسليح الإمارات الحركة الانفصالية الجنوبية التي هاجمت القوات الحكومية لعدن في بدايات شهر فبراير/شباط 2018، أصبح من الواضح، باطرادٍ، أنَّ أبرز أعضاء التحالف ليس لديهم الكثير من الأمور المشتركة فيما يخص اليمن، ليس أكثر من كراهيتهم المشتركة للحوثيين والخوف من النفوذ الإيراني المتزايد.

وأدت الظروف الحالية إلى جعل السعوديين أكثر يأساً من أي وقتٍ مضى في الحصول على حلفاء مستقرين بهذا الصراع، وأجبرتهم هذه الظروف على إعادة التفكير في فاعلية استراتيجيتهم الكلية باليمن. لو كان هناك وقتٌ مناسب للولايات المتحدة لممارسة نفوذها لتشجيع حدوث تغيير في التكتيكات العسكرية للمملكة، فهذا الوقت هو الآن".

وبحسب الموقع الأميركي، فإن إدارة ترامب أضاعت فرصة استخدام خطاب الكونغرس لتسليط الضوء على الفشل الجماعي لعدوانها في اليمن، ولا ينبغي للإدارة أن تُضاعف هذا الخطأ باستمرار تجاهل الأخطاء التي ارتكبتها السعودية هناك.

لقد أدى استهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية باليمن من قِبل السعوديين إلى خلق أزمة إنسانية فيه، وربما يُلهِم الأجيال القادمة من الاهابيين المهتمين بعرقلة النظام الراسخ بشبه الجزيرة العربية، في الوقت الذي فشلت فيه هذه الاستراتيجيات في حل الصراع المستمر. وبينما لا تزال السعودية حليفاً إقليمياً أساسياً، فإنَّ الولايات المتحدة ينبغي لها أن تستخدم نفوذها القوي مع السعوديين لإقناعهم بتغيير تكتيكاتهم العسكرية باليمن، قبل انحلال الوضع الحالي إلى المزيد من الفوضى وعدم الاستقرار.