هيومن رايتس : أحداث السعودية عام 2017 استهداف الشيعة والتنكيل باليمنيين

الاعتقالات، المحاكمات التعسفية، الحملات الأمنية، الخلافات داخل عائلة آل سعود، والإقالات من المناصب، وتقييد الحريات بشكل متواصل، وحرية المرأة، والسياسات الخارجية، وصولاً إلى استمرار العدوان على اليمن وقتل الملايين من الأطفال والنساء بفعل الغارات السعودية، والسياسات الداخلية والخارجية لسلطات الرياض، وثّقَتها منظمة “هيومن رايتس ووتش”، ضمن تقرير شمل كافة الميادين. تحت عنوان “السعودية أحداث عام 2017″، جاء التقرير، الذي انطلق من الإشارة إلى إزاحة ولي العهد السابق محمد بن نايف وتنصيب محمد بن سلمان مكانه بأمر ملكي، وأتت الخطوة هذه بعد وضع “هيئة التحقيق والادعاء العام” سيئة الصيت خارج سلطة وزارة الداخلية، وتحويلها إلى هيئة مستقلة تقدم تقاريرها مباشرة إلى القصر الملكي، ووضع وكالة الاستخبارات الداخلية وسلطات مكافحة الإرهاب خارج سلطة وزارة الداخلية ودمجهُما في “رئاسة أمن الدولة” المُنشأة حديثاً، والتي تقدم تقاريرها مباشرة إلى القصر الملكي، وكل ما سبق تعود إدارته إلى ولي العهد محمد بن سلمان، الذي حاول إدعاء الاصلاحات والانفتاح أمام المجتمع الدولي للقبول بوصوله إلى سدة الحكم. انتقدت المنظمة مواصلة السلطات السعودية الاعتقالات، والمحاكمات التعسفية، والإدانات بحق المعارضين السلميين، حيث لايزال يقبع عشرات الحقوقيين والناشطين خلف القضبان في قضاء أحكام طويلة بالسجن لانتقادهم السلطات أو دعوتهم إلى إصلاحات سياسية وحقوقية، فيما واصلت السلطات التمييز ضد النساء والأقليات الدينية، وقد سجل العاشر من سبتمبر الماضي تاريخ انطلاق موجة من الاعتقالات ضد رجال الدين وغيرهم ضمن حملة منسقة ضد المعارضة بكل أشكالها، وواصلت السعودية قمع الناشطين المطالبين بالإصلاح والمعارضين السلميين، واعتقلت الحقوقيين بينهم عصام كوشك، عيسى النخيفي، علي شعبان.

الشيعة في مرمى الاستهداف السلطوي

وسجنت السعودية معظم مؤسسي “جمعية الحقوق المدنية والسياسية” المحظورة حسم، وأيّدت محكمة الاستئناف حكما بالسجن 8 سنوات ضد الناشط عبد العزيز الشبيلي، كما قضت بسجن الكاتب نذير الماجد 7 سنوات وحظر السفر إلى الخارج 7 سنوات لمشاركته في احتجاجات في المنطقة الشرقية السعودية عام 2011 ضد التمييز ضد الشيعة. “هيومن رايتس” أشارت إلى مواصلة السلطات للتمييز ضد الشيعة ومنعهم من ممارسة شعائرهم، كما يشمل التمييز في التعليم الحكومي، القضاء، الحريات الدينية، والتوظيف. وأشارت إلى استمرار السلطات الدينية الحكومية، في تصريحاتها ووثائقها العامة، في تحقير التفسيرات والمفاهيم الإسلامية التي يعتنقها الشيعة والمتصوفون. وفي شأن القضاء والقضاة وحقوق القصر، أشارت المنظمة إلى استمرار الرياض بانتهاك حقوق الانسان وكافة المواثيق الدولية، باعتقال الاطفال وملاحقتهم. علي النمر، داود المرهون، وعبدالله الزاهر حيث لا يزالون رهن الاحتجاز في انتظار الإعدام، بزعم ارتكابهم جرائم على صلة بالتظاهر وهم أطفال في عامي 2011 و2012، مشيرة إلى أن القضاة السعوديين أرجعوا الأحكام بالإعدام إلى اعترافات تراجع عنها المتهمون الثلاثة في المحكمة وقالوا إنها انتزعت منهم تحت الإكراه، ولم تحقق المحاكم في ادعاءات التعذيب لانتزاع الاعترافات. وقد أيّدت المحكمة العليا أحكام الإعدام بحق 14 معتقلا من الشيعة بعد محاكمة غير عادلة على جرائم متعلقة بالاحتجاج. وعن العوامية، فقد لفتت المنظمة إلى الاجتياح العسكري للبلدة وهدم حي المسوّرة الأثري، واستشهاد أكثر من 30 شخصاً بينهم أطفال، وجرح العشرات، فيما دمرت منازل المواطنين واستهدفت أرزاقهم، وحرموا على مدى 100 يوم من حقهم في الحياة بأمن، ولا تزال معانتهم في ظل مضايقات القوى الأمنية مستمرة. إلى ذلك، أشارت المنظمة إلى المضايقات الممارسة ضد العمالة الوافدة، حيث أن هناك أكثر من 9 ملايين عامل مهاجر يقومون بأعمال يدوية ومكتبية وخدمية، يشكلون أكثر من نصف قوة العمل، ويعانون من الانتهاكات والاستغلال، الذي يرقى أحيانا إلى مصاف ظروف العمل الجبري. ورفعت الرياض منسوب المضايقات ضد العمالة، عبر ربطهم بنظام الكفالة وتصاريح الإقامة ورفع التكاليف المتوجبة عليهم، والتقليل من الأجور، وأحيانا الحرمان من العمل، وصولاً إلى استهداف العمال الوافدين بصورة أمنية، وملاحقتهم وسجنهم وترحيلهم، وقد تم تسجيل الكثير من الانتهاكات المتوصلة بحق الوافدين.

العدوان على اليمن

السياسات الخارجية الدموية للرياض، لم تكن بمنأى عن تقرير المنظمة، التي رصدت انتهاكات جسيمة ارتكبتها السعودية بقيادة تحالف العدوان على اليمن، خلال العام الماضي، وحمّلت المنظمة الرياض مسؤولية استشهاد عشرات الآلاف من اليمنيين، وانتهت حياة الأطفال والنساء والمدنيين بشكل عام بصورة غير قانونية وغير إنسانية، باستخدام ذخائر عنقودية وأسلحة محرمة دولياً. وتسببت السعودية بجعل نحو 17 مليون يمني غير قادرين على تلبية احتياجاتهم الغذائية، بحسب الأمم المتحدة، التي أشارت إلى تفشي وباء الكوليرا، وتسببه بوفاة ألفيّ شخص في سبتمبر الماضي، وإصابات محتملة طالت ما يناهز 700 ألف شخص.، كما دمّرت الحرب النظام الصحي في اليمن إلى حد كبير. وفي سياق متصل وبصورة خافتة، انتقدت الولايات المتحدة الانتهاكات السعودية لحقوق الإنسان، لكنها في الطرف المقابل قدمت لها مساعدات لوجستية ودعما معلوماتيا لقوات التحالف بقيادة السعودية، شمل تزويد طائرات التحالف بالوقود في الطلعات الجوية في اليمن، على الرغم من معارضة كبيرة لصفقات السلاح السعودية الاميركية من قبل أعضاء في الكونغرس بسبب العدوان السعودي على البلدان الأشد فقراً، وشهد شهر أكتوبر 2017 إدراج الأمين العام للأمم المتحدة التحالف بقيادة السعودية على “قائمة العار” للانتهاكات التي ترتكبها ضد الأطفال في اليمن.