الأوروبية لحقوق الإنسان: السلطات السعودية تقتل تعسفيا و تصر على احتجاز جثامين ضحاياها
بعد مرور عامين على سلسلة الإعتقالات والقتل التي قامت بها “السلطات السعودية” -ولا تزال- حيال موجة الاعتراضات والتظاهرات “السلميّة” التي اندلعت بسبب الممارسات غير العادلة للسلطات السعودية، لا زالت السلطات ترفض تسليم جثامين الشهداء الى ذويهم، بل تصرّ على احتجازهم لديها لا سيما ضحايا الإعدام الجماعي الكبير الذي نفذته “السلطات السعودية” في 2 يناير 2016 وشمل 47 شخصاً، لم تُعرف ظروف محاكماتهم، عدا عن قلة منهم عُرف أن محاكماتهم هزليّة وشكلية.
لم تعمد “السلطات السعودية” الى إحتجاز جثامين المقتولين فحسب، بل شرعت إلى منع ذويهم من التعرّف الى أماكن دفنهم وفي ذلك انتهاكات كبرى لمجمل المواثيق الدولية التي تنص على احترام حقوق الانسان وحق ذويه في استلام جثمانه ودفنه حسب الثقافة أو الدين الذي ينتمي إليه.
يُذكر أن بعض العائلات طالبت بإلحاح باسترداد جثامين أبنائها، من بينهم عائلة الشيخ نمر باقر النمر وأسرة المتظاهر القاصر علي آل ربح وأسرة المتظاهر محمد الشيوخ وأسرة محمد الصويمل إلا أن أحداً منهم لم يلقى أي إجابة لمطالبهم.
في 3/ يناير 2016 أصدر مجلس عائلة النمر، بياناً أشارت فيه إلى أن الحكومة أكدت أن دفن الشيخ النمر قد تم في مقبرة مجهولة ومن دون إذن العائلة في مخالفة للأحكام الشرعية والقوانين التي تقضي بأن یدفن المیت حسب وصیته إذا کانت لدیه وصیة أو حسب رغبة ذویه کحق أصلي من حقوقه، واعتبرت العائلة أن عدم تسليم الجثمان هو “فاجعة أخرى”.
هذا وقد طالبت أسرة الشاب علي آل ربح، الذي أُعدم أيضا ضمن الإعدام الجماعي، بتسلّم جثمانه، مؤكدين أنه دُفن دون أذن ذويه، وأنهم “لم يأذنوا أو يوكلوا أي أحد أن يتولى تجهيز الجثمان نيابة عنهم، أو أن يقوم بدفنه خارج مسقط رأسه في العوامية”.
إلى ذلك، وبعد مرور أربعين يوماً على عملية الإعدام الجماعي، أصدرت عائلة الشيخ النمر، وأُسَر كل من علي آل ربح ومحمد الشيوخ ومحمد الصويمل، بياناً جماعيا طالبوا فيه سلمان بن عبد العزيز وكل شخص معنيّ برد جثامين أبنائهم من أجل دفنها بحسب معتقداتهم الدينية.
يعتبر المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بإجراءات الإعدامات التعسفية، أن “رفض تسليم الجثمان إلى ذويه من السمات القاسية جداً في عقوبة الإعدام”. كما تنص إتفاقية حقوق الطفل في مادتها التاسعة أنه في حال فصل الطفل عن والديه بإجراءات رسمية مثل سجنه أو وفاته، تقدم الدولة للأسرة عند الطلب: “المعلومات الأساسية الخاصة بمحل وجود عضو الأسرة الغائب” وهذا يأتي خلافاً لكل ما تمارسه السلطات السعودية حيال المعتقلين إذ أنها تمنع وصول الأهالي الى أبنائهم حتى بعد مقتلهم.
نفذت الحكومة السعودية إعدام جماعي في 2/ يناير 2016 ، رغماً من تحذيرات أممية أكدت إفتقار المحاكمات إلى شروط العدالة. فقد أشار 6 خبراء أمميون في رسالة وجههوها للحكومة السعودية في 17 نوفمبر 2014 إلى أن محاكمة الشيخ النمر افتقدت أكثر الإجراءات صرامة ولم تتوافر فيها ضمانات المحاكمة العادلة، وطالبوا بحمايته من تنفيذ حكم الإعدام الذي وصفوه بالتعسفي.
إضافة إلى ذلك، قالت لجنة إتفاقية حقوق الطفل في الأمم المتحدة في 25/أكتوبر 2016، في الفقرة 20 من ملاحظاتها الختامية تعليقاً على تقارير قدمتها السعودية: أن السعودية تحاكم الأطفال الذين جاوزوا سن الخامسة عشرة بصفتهم كبارا وتحكم عليهم بالإعدام بسبب جرائم يدعى أنهم ارتكبوها عندما كانوا دون سن الثامنة عشرة، في أعقاب محاكمات لاتوفر اي من ضمانات العدالة.
توسع في جرائم وانتهاكات “السلطات السعودية”
منذ الإعدام الجماعي للسبعة والأربعين في 2/ يناير 2016 حتى الآن، نٌفّذت عقوبة الإعدام بحق 254 شخصاً واجه عدد كبير منهم تهماً غير جسمية بحسب القانون الدولي، كما تم إعدام أربعة سجناء وهم يوسف المشيخص، وأمجد المعيبد، ومهدي الصايغ، وزاهر البصري بعد محاكمات لم تتمثل لأبسط شروط المحاكمات العادلة وتجاهل القضاة شكاوى السجناء بتعذيبهم وإكراههم على أقوال، وكذلك احتوت على تهم تتعلق بالتظاهر السلمي والتعبير عن الرأي.
اللافت هو أن حياة العشرات من المواطنين “السعوديين” لا زالت بخطر في ظل التضليل العارم الذي يمارسه الاعلام “السعودي” فبحسب آخر توثيق قامت به المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان في يوليو 2017، يواجه 47 سجيناً خطر الإعدام، بعد محاكمات غير عادلة، بينهم 7 أطفال على الأقل، وهناك اليوم أكثر من 30 سجينا حكموا بأحكام إعدام نهائية قد تنفذ في أي لحظة.
في هذا الصدد، تدعو المنظمة الاوروبية السعودية الى السعي الدائم لملاحقة ومحاكمة كافة المتورطين في الإعتقال العنيف والمحاكمات غير العادلة التي خضع لها الشيخ النمر ومن معه.
كما تؤكد المنظمة على الضرورة المُلِحّة لتكثيف جهود المجتمع المدني لضمان عدم تكرار هذه الجائم، بهدف إسقاط الأحكام المماثلة الصادرة بحق العشرات، وتأمين محاكمات عادلة.