ضغوط مصرية سعودية إماراتية للتخلي عن القدس
تمارس القاهرة والرياض وأبوظبي، ضغوطا مكثفة على عواصم عربية، للرضوخ لقرار الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب»، الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لـ(إسرائيل) ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والقبول به كأمر واقع.
وكشف اجتماع الوفد العربي الوزاري المصغر المكلف متابعة تداعيات القرار الأمريكي بشأن القدس، الذي عقد في الأردن السبت، عن ضغوط من قبل السعودية والإمارات ومصر لمحاصرة الرغبة الفلسطينية في تصعيد إجراءات مواجهة قرار «ترامب».
ووفق صحيفة «العربي الجديد»، فإن المشاركين في الاجتماع بحضور أمين عام الجامعة العربية «أحمد أبوالغيط»، أجهضوا جميع المقترحات التي قدمها وزير الخارجية الفلسطيني، «رياض المالكي»، لمواجهة قرار «ترامب»، بما في ذلك تطبيق ما ورد في قمة عمان 1980 لجهة مقاطعة الدول التي تنقل سفاراتها إلى القدس، فضلاً عن رفض التمسك بالولايات المتحدة كوسيط لعملية السلام، ووضع شروط صارمة لجهة قبول أي مبادرة جديدة منها، وهو ما دفع «المالكي» إلى الامتناع عن المشاركة في المؤتمر الصحفي لعرض نتائج الاجتماع.
وقبيل بدء المؤتمر، أزيلت منصة وزير الخارجية الفلسطيني، بعد أن فشلت جهود الوفد الوزاري في إقناع «المالكي» بالظهور أمام وسائل الإعلام إلى جانب «أبو الغيط» ووزير الخارجية الأردني «أيمن الصفدي».
وزادت حدة الرفض الفلسطيني، بعد تداول تسريبات نشرتها، صحيفة «نيويورك تايمز»، الأمريكية، تظهر موافقة نظام الرئيس المصري، «عبدالفتاح السيسي»، على قرار «ترامب»، بل توجيه الإعلاميين لإقناع المشاهدين بقبول القرار، والموافقة على «رام الله» عاصمة لفلسطين بدلا من القدس.
وقالت مصادر دبلوماسية فلسطينية، إن عدم مشاركة «المالكي» في المؤتمر كان بسبب خلافات حادة، وعدم تبني دول عربية معينة الموقف الفلسطيني ضد الولايات المتحدة.
وكشفت المصادر، عن رفض المجتمعين ذكر ثلاث نقاط فلسطينية في المؤتمر الصحفي، الأولى إعلان انتهاء الدور الأمريكي في رعاية عملية السلام، والثانية رفض أي مبادرة أمريكية لعملية السلام إلا بعد تراجع الإدارة الأمريكية عن قرارها حول الاعتراف بالقدس عاصمة لـ(إسرائيل)، والثالثة المطلب الفلسطيني بتفعيل القرارات ضد أي دولة تقوم بنقل سفارتها إلى القدس.
وأفادت المصادر، بأن «ممثلي السعودية ومصر طلبا بشكل مباشر من وزير الخارجية الفلسطيني عدم مطالبتهما بتبني أي موقف ضد الولايات المتحدة».
شارك في الاجتماع أعضاء الوفد المكوّن من «المالكي»، ووزراء خارجية الأردن «أيمن الصفدي»، والسعودية «عادل الجبير»، ومصر «سامح شكري»، والمغرب «ناصر بوريطة»، ووزير الدولة لشؤون الخارجية الإماراتي «أنور قرقاش»، إضافة إلى «أبو الغيط».
وكانت مصادر أردنية، كشفت في وقت سابق، أن كلا من السعودية ومصر تحفظتا على طلب الأردن عقد قمة عربية طارئة لمواجهة قرار «ترامب».
وقالت مصادر مقربة من الاجتماع إن السعودية بررت التحفظ بأن قمة عربية عادية ستعقد في الرياض في مارس/آذار المقبل، لذلك فهي لا ترى داعيا لقمة عربية طارئة لبحث قضية القدس.
وسادت أجواء ارتياح في الأوساط الإسرائيلية، جراء فشل الوزاري العربي في الخروج بموقف موحد بشأن قضية القدس، وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، إنه في الوقت الذي يدعي المسؤولون في مصر والسعودية دعمهم الموقف الفلسطيني المتشبث بالقدس عاصمة لفلسطين، فإنهم يعبرون عن مواقف مغايرة في الغرف المغلقة.
واعتبرت الصحيفة، أنّ ما كشفته «نيويورك تايمز» بشأن مطالبة ولي العهد السعودي، «محمد بن سلمان»، الرئيس الفلسطيني «محمود عباس» بقبول «أبو ديس» عاصمة لفلسطين، بالإضافة إلى إصدار الأجهزة الأمنية التابعة لنظام «السيسي» تعليمات لقنوات تلفزة محلية لمحاولة إقناع الجمهور المصري بأنه يتوجب الضغط على الفلسطينيين لقبول «رام الله»، عاصمة لدولتهم؛ يدلل على أن هذه هي المواقف الحقيقية التي تتبناها الدولتان من قضية القدس.
وجاء اجتماع وزراء خارجية الدول الست بالأردن في وقت ترفض فيه الفصائل الفلسطينية الابتزاز الأمريكي بوقف المساعدات المالية للسلطة الفلسطينية للضغط عليها للرجوع إلى مفاوضات السلام.
وجاء الاجتماع المذكور بعد تصديق البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) على مشروع قانون جديد بشأن القدس يمنع أي حكومة إسرائيلية من التفاوض على أي جزء من المدينة إلا بعد موافقة ثلثي أعضاء الكنيست.