تل أبيب تضع 20 منظمة يهودية بلائحة سوداء وتحرمها من دخول البلاد

أصدر الكيان الإسرائيل، لائحةً سوداء لعشرين منظمة، تضم مجموعةً يهودية في الولايات المتحدة، منعت قادتها من دخول البلاد بسبب دعمهم للمقاطعة الاقتصادية والثقافية والأكاديمية لإسرائيل.

وُضِعَت هذه اللائحة بموجب قانونٍ قائم منذ عامين تقريباً صدر لمواجهة حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل، التي يعارضها الإسرائيليون بأغلبيتهم الساحقة، ويعتبرونها مُعادية للسامية، ويرونها دعوةً لتدمير البلاد.

ويُفضِّل داعمو استراتيجية الضغط مقاطعة إسرائيل حتى تنهي احتلالها للضفة الغربية، وتوفر بموجب القانون المساواة الكاملة للمواطنين الفلسطينيين في إسرائيل، وتمنح اللاجئين الفلسطينيين حق العودة. لكنَّ أعداد اللاجئين تُقدَّر بالملايين، ومن المحتمل أن تسطر عودتهم نهاية إسرائيل كدولةٍ يهودية، بحسب صحيفة نيويورك تايمز الأميركية.

ووفقاً لصحيفة هآرتس الإسرائيلية، قال جلعاد إردان، وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي الذي وضع مكتبه اللائحة: "تحوَّلنا من الدفاع إلى الهجوم. إنَّ منظمات المقاطعة بحاجة لمعرفة أنَّ دولة إسرائيل ستتحرَّك ضدهم"، ولن تسمح لهم بـ"دخول أراضيها للإضرار بمواطنيها".

وتضم اللائحة السوداء، التي ستدخل حيز التنفيذ في الأول من مارس/آذار، منظمة "صوت اليهود من أجل السلام"، وهي منظمة أميركية لها 70 فرعاً، وتقول إنَّ لديها 15 ألف عضو يدفعون رسوم عضوية.

 

وتضم القائمة أيضاً مجموعاتٍ أميركية أخرى مثل "لجنة خدمات الأصدقاء الأميركيين" التي تديرها جمعية كويكر، ومنظمة "كود بينك" النسوية، و"الحملة الأميركية لدعم حقوق الفلسطينيين". وتضم اللائحة أيضاً منظماتٍ في شيلي وفرنسا وألمانيا وأيرلندا وإيطاليا والنرويج والسويد وجنوب إفريقيا.
وقال وزير الداخلية الإسرائيلي، آريه ديري، المسؤول عن تطبيق الحظر، لصحيفة هآرتس: "يحاول هؤلاء الناس استغلال القانون وكرمنا للعمل ضد إسرائيل وتشويه البلاد".
ولم يستجب المتحدثون باسم الوزارتين لطلباتٍ من أجل إجراء مقابلات مع الصحيفة.


تهديد وتخويف
وقد وصفت ريبيكا فيلكوميرسون، رئيسة منظمة صوت اليهود من أجل السلام، التي تبنَّت حركة المقاطعة في 2005، اللائحة السوداء بأنَّها جهدٌ يهدف لـ"تهديدنا وتخويفنا".
وقالت ريبيكا، التي تعيش في حي بروكلين بنيويورك: "إنَّ (قرار إصدار اللائحة) عاطفي وصعب. كان زوجي مسافراً عائداً من إسرائيل أمس. وقد وُلِد هو ووالداه، وكلاهما في الثمانينيات من العمر، وترعرعوا هناك، وجميعنا مُقرَّبون من بعضنا البعض. إنَّه ذلك النوع من المعضلة الكلاسيكية بين المبادئ السياسية والأثر الشخصي. لا أدري حقاً إلام سيؤول الأمر".
وأضافت أنَّه في حين سيتأثر داعمو حركة المقاطعة خارج إسرائيل بالقرار، فإنَّ أكبر الضحايا ربما يكونوا الفلسطينيين الذين يعيشون في إسرائيل بموجب تصاريح مؤقتة، بما في ذلك الأزواج المتزوجون من إسرائيليين مواطنين أو يحملون إقاماتٍ دائمة. وبموجب القانون، تقول ريبيكا، لا يمكن أن يفقد المواطنون وذوو الإقامات الدائمة وضعيتهم بسبب دعمهم للحركة، لكن أولئك الذين يحملون تصاريح إقامة مؤقتة قد يتم إلغاؤها لهم.

وفي مارس/آذار الماضي، عدَّلت إسرائيل قانون الدخول إليها لمنع أي شخصٍ يُروِّج بنشاطٍ لمقاطعة البلاد. وقالت وزارة الشؤون الاستراتيجية في بيانٍ لها إنَّ المجموعات العشرين التي وُضِعَت على اللائحة الأحد قد "قامت بعملٍ متواصل ومتسق وكبير للترويج لمقاطعة إسرائيل وتعزيزها".

وأضافت الوزارة أنَّ اللائحة السوداء "تستبعد صراحةً الانتقاد السياسي لإسرائيل" كمعيارٍ للإدراج على اللائحة، وأنَّ اللائحة تستهدف "شخصيات أساسية في منظمات المقاطعة الرئيسية".

وقد وصف يوسف منيِّر، مدير الحملة الأميركية لدعم حقوق الفلسطينيين، إدراج منظمته على اللائحة بأنَّه "وسام شرف".

وقال: "حين تدرج إسرائيل، التي تهدف لتصوير نفسها أمام العالم على أنَّها ليبرالية وديمقراطية، نشطاء مُكرَّسون للتظيم والمعارضة السلمية على اللائحة السوداء، فإنَّها تُظهِر نفسها أكثر باعتبارها مخادعة وحسب".


سياسة محاطة بالسرية
وسلَّطت اللائحة بعض الضوء على سياسةٍ كانت محاطة بالسرية والغموض.
ففي يوليو/تموز الماضي، أُبعِد 5 أعضاء من وفدٍ مُختلط الأديان من الصعود إلى رحلة شركة لوفتهانزا الألمانية المتجهة إلى إسرائيل من مطار واشنطن دوليس الدولي. وأُبلِغ الأعضاء الخمسة بأنَّ الحكومة الإسرائيلية أمرت شركة الطيران بعدم السماح بصعودهم على متن الرحلة.

وضغط المحامي إيتاي ماك، بموجب قانون السجلات العامة، من أجل الحصول على نسخٍ من الأوامر الإسرائيلية والشركات أو الحكومات الأجنبية الأخرى.

وقال ماك إنَّه يعتقد أنَّ ثمة منظمات أخرى ربما تكون موجودة على اللائحة السوداء بخلاف العشرين الذين أُعلِنوا الأحد، وأنَّ الحكومة أيضاً ربما تعمل على وضع لائحة سوداء للأفراد كي يُمنعوا من دخول البلاد.

ويجري الطعن في القانون على أسسٍ دستورية، بموجب النسخة الإسرائيلية من وثيقة الحقوق، التي تُعرَف بالقانون الأساسي المعنيّ بالكرامة الإنسانية، الذي جرى تبنّيه في 1992.

وقال ششار بن مئير، وهو محامٍ يُمثِّل المدعين في تلك القضية، التي ستُعقَد أولى جلساتها الشهر المقبل، فبراير/شباط، إنَّ قانون الدخول المُعدَّل انتهك ضمان القانون الأساسي لحرية الفكر وحرية التعبير والرأي.

وتواجه إسرائيل وحلفاؤها حركة المقاطعة على عدة جبهات عالمياً. وقبل عامين، خصَّص رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو 25 مليون دولار سنوياً لتلك المواجهة، لكن لم يُكشَف الكثير عن كيفية إنفاق المال.

وكشف تقريرٌ في صحيفة هآرتس عن عقودٍ حكومية بأكثر من مليون دولار مع شركاتٍ قانونية في أوروبا وأميركا لمواجهة الحركة، لكنَّ التفاصيل نُقِّحَت قبل النشر لأسبابٍ متعلقة بالأمن القومي.

وفي الولايات المتحدة، يُموِّل الملياردير شيلدون أديلسون مجموعة من المبادرات لمواجهة حركة المقاطعة، بما في ذلك في حرم الجامعات، وذلك في ظل ما تُظهِره استطلاعات الرأي من اكتساب القضية الفلسطينية بسرعة للدعم في صفوف الشباب في الوقت الذي يتراجع فيه الدعم لإسرائيل.

وتُعَد مسألة الضرر الاقتصادي الذي تُسبِّبه حملة المقاطعة لإسرائيل محل نقاشٍ كبير.

إذ يتحدَّث سياسيو ونشطاء اليمين بانتظامٍ عن الأمر باعتباره "إرهاباً اقتصادياً"، بيد أنَّ داليا شيندلين، وهي مُنظِّمة استطلاعات رأي إسرائيلية، تقول إنَّ استطلاعاتها تُظهِر أنَّ الإسرائيليين لا يرون للمقاطعة سوى آثار قليلة، وذلك بخلاف المناسبات التي يلغي فيها المشاهير فعالياتهم في إسرائيل، مثلما فعلت المغنية لورد الشهر الماضي، ديسمبر/كانون الأول.

وأضافت داليا: "لذا، ربما يكون من المفارقة أيضاً أنَّهم يشعرون بالمرونة والتكيُّف، فهناك توجُّه مفاده أنَّ (لا أحد بمقدوره الإضرار بنا حقاً). وحتى الآن، ليست المقاطعة بحد ذاتها هي ما يبدو وكأنَّه تهديد وجودي، بل ما تطالب به ومَن يتبنونها".