سمعت عن تعاون فريق ترامب مع روسيا! لكن ماذا تعرف عن تواطئهم مع إسرائيل؟

هل تآمرت حملة ترامب مع فلاديمير بوتين للفوز في انتخابات عام 2016؟ ربما. نحن ننتظر الخطوة التالية من المحقق الخاص روبرت مولر لمعرفة المزيد عن ذلك، ولكن في هذه الأثناء لماذا لا يناقش أعضاء الكونغرس أو وسائل الإعلام تواطؤ فريق ترامب الانتقالي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتقويض سياسة الحكومة الأمريكية والقانون الدولي؟ ألا ينبغي أن تُعامل على أنها فضيحة كبرى؟

بهذه التساؤلات بدأ مهدي حسن تقريره بموقع «ذي إنترسبت» الذي تحدث فيه عن تجاهل تواطؤ فريق ترمب مع إسرائيل قبل دخول ترامب للبيت الأبيض، والذي يعد مخالفة صريحة للقانون تستوجب السجن.
ويقول حسن بفضل التحقيق المتواصل لمولر، نعلم الآن أنه قبل تنصيب الرئيس دونالد ترامب، تآمر فريقه مع إسرائيل، لإفشال مشروع قرار بمجلس الأمن يدين إقامة مستوطنات في الضفة الغربية، في مخالفة للسياسة الخارجية الأمريكية الرسمية. وهذا هو نفس نوع التواطؤ مع دولة أجنبية، والذي حظي بكثير من الاهتمام فيما يتعلق بالكرملين، ولكن التواطؤ مع إسرائيل يبدو أنه أقل اهتمامًا منه بكثير، بشكل غريب.

وهنا ما فهمناه الأسبوع الماضي عندما كشف فريق مولر عن صفقة التعاون مع الجنرال المتقاعد مايكل فلين، مستشار الأمن القومي السابق لترامب. وفي ديسمبر (كانون الأول) 2016، ناقش مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مشروع قرار يدين التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الأراضي المحتلة؛ باعتباره «انتهاكًا صارخًا بموجب القانون الدولي» و«يعرقل بشكل خطير بقاء دولة فلسطينية مستقلة».

كانت إدارة أوباما قد أوضحت أن الولايات المتحدة تعتزم الامتناع عن التصويت، مع الإشارة إلى أن «المستوطنات ليس لها أي شرعية قانونية»، ومحذرة من أن «التسوية ازدادت سوءًا وأصبحت تشكل خطرًا على حل الدولتين». كانت هناك معارضة حزبية شفهية بأمريكا للمستوطنات الإسرائيلية منذ فترة طويلة؛ إذ دعا رونالد ريجان إلى «تجميد حقيقي للمستوطنات» في عام 1982، وحاول جورج بوش أن يكبح خطط بناء المستوطنات الإسرائيلية من خلال قطع ضمانات القروض الأمريكية لفترة وجيزة إلى الدولة اليهودية في عام 1991.

 

ماذا فعل أعضاء فريق ترامب لدعم إسرائيل قبل التنصيب؟
«في 22 ديسمبر (كانون الأول) 2016 تقريبًا، أمر عضو رفيع جدًا بفريق الانتقال الرئاسي؛ فلين بالتواصل مع مسؤولين من حكومات أجنبية، بما في ذلك روسيا، للتعرف على موقف كل حكومة من القرار، والتأثير على تلك الحكومات لتأخير التصويت أو إفشال القرار». وأشار بيان مخالفة فلين، الذي اعترف بالكذب على مكتب التحقيقات الفيدرالي حول محادثاته مع السفير الروسي في الولايات المتحدة «إلى اتصال فلين بالسفير الروسي بشأن التصويت، وأبلغه معارضة الإدارة القادمة (ترامب) للقرار، وطلب منه أن تصوت روسيا ضد القرار أو تؤخره».

 

 

من هو ذلك الـ«عضو الرفيع جدًا» في فريق الانتقال الذي أمر فلين للقيام بكل هذا؟ أكدت عدة وكالات أنباء أنه جاريد كوشنر، صهر ترامب، والرجل الرئيس في عملية السلام بالشرق الأوسط. وقال مسؤول بفريق ترامب الانتقالي لموقع «بوز فيد نيوز» يوم الجمعة الماضي «أن كوشنر دعا فلين وقال له: إنك بحاجة إلى الحصول على أرقام هواتف كل  أعضاء مجلس الأمن لمطالبتهم بتأجيل التصويت». وأضاف المسؤول أن كوشنر قال لفلين: «إن الأمر أولوية قصوى بالنسبة للرئيس».

ووفقًا للموقع ذاته، فإنه «بعد تعليقه، قال فلين للغرفة بأكملها (في مقر فريق ترامب الانتقالي): إنه سيتعين عليهم البدء في الضغط ضد تصويت الأمم المتحدة، وقال: الرئيس يريد منا إتمام هذا الأمر في أقرب وقت ممكن». وأضاف الموقع: «للمرة الأولى، طلب مسؤولو فريق ترامب مساعدة روسيا لوقف تصويت الأمم المتحدة، وتقويض سياسة إدارة أوباما بشأن السلام في الشرق الأوسط، قبل أن يدخلوا إلى البيت الأبيض».

كوشنر لم ينفِ تواطؤه مع إسرائيل
ويلفت الكاتب إلى عدم وجود أي اعتراض على ما حدث. ظهر كوشنر يوم الأحد الماضي علانية في منتدى سابان بواشنطن؛ لمناقشة خطط إدارة ترامب في الشرق الأوسط، ورحب به الراعي في المنتدى، الملياردير الإسرائيلي الأمريكي حاييم سابان، الذي قال: «أريد أن أشكر كوشنر على محاولاته لمنع ما كان يمكن أن يصل إليه مجلس الأمن، بعد امتناع الولايات المتحدة عن التصويت». ماذا كان رد فعل كوشنر؟ ابتسم، وقال «شكرًا» لسابان.

وفي الوقت نفسه – يضيف التقرير – كان الإسرائيليون لديهم دور مشابه جدًا في كل هذا أيضًا. في يوم الاثنين الماضي، قال رون ديرمر، سفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة، وصديق مقرب وحليف لنتنياهو، لسوزان جلاسر من موقع بوليتيكو: «تواصلنا مع فريق ترامب الانتقالي على أمل أن يساعدونا، وكنا نأمل أن يتحدثوا إلى حكومات أخرى من أجل منع هذا التصويت».

 

وأوضح الكاتب أن فريق ترامب تواصل مع الحكومة الروسية من أجل تقويض سياسات الحكومة الأمريكية الخارجية بأمر من الحكومة الإسرائيلية.

«أين ردود الأفعال الغاضبة؟ ماذا عن وقاحة القنوات الخلفية بين ترامب ونتنياهو؟»، هكذا قال أحد المسئولين الأمريكيين للكاتب بشرط عدم الكشف عن هويته؛ لأنه غير مخول بالتحدث للإعلام في هذه المسألة.

كما قال أساتذة القانون في جامعة شيكاغو دانيال هيمل وإريك بوسنر في صحيفة «نيويورك تايمز» يوم الاثنين الماضي: «إن قانون لوجان لعام 1799 لا يزال قانونًا جنائيًا خطيرًا يمنع المواطنين من تقويض إجراءات السياسة الخارجية للرئيس». ويشير هذان الدارسان القانونيان إلى أنه «إذا كان السيد فلين قد انتهك قانون لوجان، واتضح أن المسؤول الذي أمره هو السيد كوشنر، فقد يدخلان السجن».

 

ونقل الكاتب ما قاله جيمس ماتيس، وزير الدفاع، والرئيس السابق للقيادة المركزية الأمريكية، في عام 2013 بمنتدى أمن أسبن في كولورادو، إذ أشار إلى أن فرص التوصل إلى حل الدولتين «بدأت تتراجع بسبب المستوطنات»، وأضاف: «لقد دفعت ثمن الحل العسكري كل يوم، كقائد للقيادة المركزية الأمريكية؛ لأن الأمريكيين كانوا متحيزين في دعم إسرائيل».

واختتم الكاتب مقاله قائلًا: «حتى يصدر مولر تقريره النهائي، يمكننا أن نتفق جميعًا على الاختلاف بشأن ما إذا كان هناك تواطؤ بين حملة ترامب وروسيا. في الوقت الراهن، ما نعرفه على وجه اليقين، وما يبدو بلا شك، هو أن فلين وكوشنر تواطآ مع نتنياهو وديرمر – السفير الإسرائيلي في الولايات المتحدة – نيابة عن ترامب، لجعل أمريكا صغيرة مرة أخرى، وأقل أمنًا أيضًا. لا تأخذ كلماتي على محمل الجد؛ خذ كلمة وزير دفاع ترامب».

المصدر:sasapost.com