مدنيو القائم يخرجون من "سجن مفتوح" مع دخول القوات الأمنية
وجد العديد من سكان القائم أنفسهم، لدى خروجهم من منازلهم، وسط دمار يغطي شوارع المدينة المليئة بالغبار كما بفعل عاصفة رملية تضرب المنطقة، بسبب ما خلفته معارك استعادتها من سيطرة تنظيم داعش.
وسلط تقرير نشرته وكالة "فرانس برس"، الأربعاء، الضوء على أوضاع المدنيين في القائم حين كانت خاضعة لسيطرة داعش، وكيف آل بهم الحال الآن بعد أن استعادت القوات الأمنية المدينة من أيدي التنظيم.
ونقلت الوكالة عن أحد سكان المدينة، قاسم دربي، الذي لم تفارق البسمة وجهه خلال الحديث، قوله "الآن سننام مرتاحين من دون قصف ومن دون خوف من أن يأتي إليك أحد ليأخذك، فلا تخاف من سجن ولا من شيء".
وتحدث "دربي" الذي حمد الله على انتهاء ثلاث سنوات من "سجن مفتوح"، عن ظروف العيش في ظل حكم داعش الذي دخل في العام 2014 إلى تلك المدينة الصحراوية الواقعة على مسافة كيلومترات قليلة من من الحدود السورية.
ويقول دربي، "لم يكن بإمكاننا الاتصال بأهلنا، لم نكن ننام، لم يكن بوسعنا القيام بشيء. كان سجنا مفتوحا، يمكنك فقط أن تمشي براحتك، ولكن أي شيء آخر محسوب علينا".
ورفع رئيس الوزراء، حيدر العبادي، الأحد الماضي، العلم العراقي فوق القائم مجددا، للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات. وبعد دخولها القائم، تواصل القوات الأمنية المشتركة عملياتها العسكرية لاستعادة آخر المعاقل المتبقية لتنظيم داعش في غرب البلاد، فيما تتقدم القوات السورية من الجانب الآخر في اتجاه الحدود سعيا لإطباق الخناق على التنظيم.
وبعد ثلاث سنوات من انسحابها أمام هجوم كاسح للتنظيم، تسعى القوات الأمنية الآن إلى إثبات وجودها مع عودتها إلى منطقة كانت تكافح أساسا للحصول على موطئ قدم فيها.وقبل دخول داعش في العام 2014، كانت المنطقة الحدودية للصحراء الغربية في محافظة الأنبار منفلتة وسهلة الاختراق، ما جعلها ممرا لعناصر التنظيم وغيرهم من المسلحين المتطرفين الآتين من الجهة السورية، حسب التقرير.
ويتحدث، عقيل موسى، أمام منزله في القائم بجلابيته البيضاء، عن "الظلم والإهانة" على يد التنظيم. ويقول بحسرة "لقد أهانونا، لا خدمات ولا مدارس ولا كهرباء، لا مياه ولا غذاء مثل الناس الطبيعيين. كنا نشتهي الخبز".
ويضيف "لكن اليوم تحررنا من الظالمين، من الدواعش، والله كان ظلما، وإن شاء الله راح الظلم وجاء النور"، حسب التقرير.
من جهته قال دربي، "الحمد لله نحن اليوم في بيوتنا، لم نخرج وصبرنا"، متحدثا عن عدد ضئيل من أصل سكان المدينة الخمسين ألفا بقوا في منازلهم عندما اجتاحها الجهاديون، مضيفا "اليوم أتت القوات الأمنية وحررتنا ونحن الآن بخير".
ويرى دربي، أن "دحر التنظيم يعني أيضا عودة الأقارب الذين فروا هربا من عناصره". ويقول "مررنا بأيام صعبة وعشنا القصف وأجبرنا على الابتعاد عن أهلنا لأشهر، والبعض لسنوات. واليوم الحمد لله سيعودون ونراهم في أقرب وقت".
وعلى مقربة من المكان، تسير مجموعة صغيرة من الرجال الذين يرتدون "جلابيات" ويحملون أعلاما بيضاء، في الشوارع حيث لا تزال تنتشر الهياكل المحترقة للسيارات المفخخة التي كان يستخدمها الإسلاميون. وفي أماكن أخرى، لا تزال الشوارع مغلقة بالسواتر الترابية التي أقامها عناصر "الخلافة"، وتعمل جرافات القوات الأمنية على إزالتها. وهناك، ينتظر أطفال مرور القوات الأمنية ورجال الشرطة لرفع "شارة النصر".
وأصبحت القوات الأمنية، الآن قاب قوسين من استعادة كامل الأراضي التي سيطر عليها تنظيم داعش منذ العام 2014، والتي قدرت بنحو ثلث مساحة البلاد. ولم يعد التنظيم يسيطر سوى على قضاء راوة المجاور للقائم، ومناطق صحراوية محيطة، وفقا لتقرير "فرانس برس".