صحيفة: علاقة طيبة بكوردستان واستثمارات في بغداد.. فرنسا تريد مسك عصا الاستفتاء من المنتصف
كشفت صحيفة "العرب" اللندنية، في تقرير لها نشرته اليوم الجمعة، عن محاولة فرنسا، التي زارها رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي أمس الأول، مسك عصا الخلافات بين بغداد وأربيل من المنتصف، لتوسيع نفوذها في بغداد، وكسب الاستثمارات، فضلاً عن الحفاظ على علاقاتها مع اقليم كوردستان.
وذكرت الصحيفة في تقريرها، ان "فرنسا، التي تسعى إلى استعادة علاقاتها القوية مع العراق على غرار ما كانت عليه قبل حرب الخليج، عرضت التوسط في الأزمة السياسية بين حكومة العراق وسلطات إقليم كوردستان وتعهدت باستمرار وجودها العسكري هناك إلى أن توضع نهاية لتنظيم داعش".
وأوضحت، أن "العرض جاء على لسان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أثناء زيارة رئيس مجلس الوزراء العراقي حيدر العبادي لباريس، وهي الأولى له خارج البلاد منذ تصويت الأكراد في شمال العراق على الاستقلال في استفتاء أعلنت بغداد أنه غير دستوري".
ولفتت الى أن "باريس كانت قد أكدت عشية الاستفتاء، خلال زيارة قام بها إلى العراق وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان مع وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي، أنها تؤيد حكما ذاتيا في كوردستان في إطار الدستور العراقي".
قشة العبادي
وتابعت الصحيفة في التقرير، أنه "بينما وجدت باريس في الأزمة بين بغداد وأربيل مدخلا جديدا لتبقى حاضرة في مرحلة ما بعد داعش في العراق وتساهم في مشاريع إعادة الإعمار، رأى رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في الموقف الفرنسي دعما جديدا له في المرحلة القادمة وسندا أمام أي تطورات".
واعتبر مراقبون فرنسيون، بحسب الصحيفة، أن "حيدر العبادي أراد من خلال زيارته التي استمرت يوما واحدا إلى فرنسا الإطلالة من خلال منبر دولي لتأكيد قوته على رأس الحكومة في العراق كما تسليط الضوء على دوره في الحرب ضد الإرهاب".
ورأى هؤلاء، أن "العبادي حرص من العاصمة الفرنسية على إعلان تحرير قضاء الحويجة وطرد داعش منها، وعلى تثبيت مسلمات بغداد في شأن الاستفتاء الذي جرى في إقليم كوردستان في 25 من الشهر الماضي".
ولفت دبلوماسيون عرب في العاصمة الفرنسية، وفق الصحيفة، إلى أن "باريس أعادت تموضعها في شأن مسألة الاستفتاء وسارعت إلى تصويب أي لبس قد يفهم منه دعم لأربيل على حساب بغداد".
ولاحظت هذه الأوساط، أن "الطرف الفرنسي حرص على إظهار أن الزيارة تهدف إلى بحث مسألة مكافحة الإرهاب والعلاقات السياسية والاقتصادية بين فرنسا والعراق، فيما تم التطرق إلى مسألة استفتاء كوردستان على نحو عرضي وإن كان أخذ حيزا من تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون".
ورأى مراقبون فرنسيون، أن "ماكرون الذي تمثل بلاده ثاني أكبر مساهم في الحرب ضد داعش، حاول مقاربة مسألة الاستفتاء بدبلوماسية حذرة من خلال التأكيد على الوحدة العراقية واحترام حقوق الأكراد بما عد أنه محاولة مكشوفة لإرضاء كافة الأطراف".
مصلحة فرنسا في عراق موحد
قال ماكرون معلقا على الاستفتاء الذي نظم في 25 أيلول، في إقليم كوردستان العراق: "ندعو إلى الاعتراف بحقوق الأكراد في إطار الدستور"، مضيفا أن "هناك طريقا في إطار احترام حق الشعوب يتيح الحفاظ على إطار الدستور، واستقرار ووحدة أراضي العراق".
وتابعت الصحيفة، أن "الطرف الفرنسي حرص على إظهار أن الزيارة تهدف إلى بحث مسألة مكافحة الإرهاب والعلاقات السياسية والاقتصادية بين فرنسا والعراق، فيما تم التطرق إلى مسألة استفتاء كوردستان على نحو عرضي".
وأضاف ماكرون: "من الضروري في غضون الأسابيع والشهور المقبلة أن يبدأ حوار يحترم وحدة العراق وسلامة أراضيه وسيادته في إطار الدستور والاعتراف بحقوق الأكراد"، وقال: "فرنسا مستعدة إذا كانت لدى السلطات العراقية رغبة في المساهمة بفاعلية في (جهود) الوساطة التي أطلقتها الأمم المتحدة".
ورأت أوساط عراقية، وفقاً لتقرير الصحيفة، أن "العبادي أراد تسويق مسألة الحرب ضد داعش، لا سيما تداعيات ما بعد هذه الحرب على ملف الإعمار في المناطق التي دمرتها الخرب، على نحو يعزز من خلاله موقعه الحالي والمقبل على رأس الحكومة العراقية".
وقالت هذه الأوساط، أن "العبادي الذي يحظى بالرعاية الأميركية أراد من خلال زيارته لفرنسا تطوير هذه الرعاية باتجاه الاتحاد الأوروبي".
وتعتبر مصادر دبلوماسية غربية، أن "فرنسا تحاول بصعوبة فتح أسواق لها في منطقة تهيمن عليها الولايات المتحدة في وقت تتقدم فيه روسيا على نحو مطرد ومقبول من عواصم العالم العربي".
وأكملت الصحيفة، أن "باريس تسعى للحصول على حصة وازنة من مشاريع الإعمار المقبلة في العراق"، ونقلت عن مصادرها، أن "ماكرون يحاول تحقيق اختراق لبلاده في العراق من خلال اعتماد دبلوماسية هجومية بعد فترة انحسار مارستها الإدارات الرئاسية الفرنسية السابقة".
وينقل عن خبراء أميركيين في شؤون العراق، أن "سعي فرنسا في العراق مرهون بتفاهمات دولية تقودها الولايات المتحدة".
ويضيف هؤلاء، أن "موقف باريس من مسألة الاتفاق النووي مع إيران كما الموقف من مسألة الاستفتاء في كوردستان إنما محاولة فرنسية مرتبكة لمسك العصا من النصف أملا في توسيع حصص باريس في الاستثمارات داخل إيران والعراق".
المصدر: العرب اللندنية