حلبجة المنكوبة بالكيمياوي مفاجأة الاستفتاء.. أكبر لا للانفصال بين المدن الكوردية

كشفت صحيفة "العربي الجديد"، في تقرير لها نشرته اليوم الجمعة، عن كسر مدينة حلبجة التوقعات خلال الاستفتاء، بتشكيلها أكبر كتلة "لا" للإنفصال عن العراق، على الرغم من تذرع رئيس الإقليم بالقصف الكيمياوي للمدينة والجرائم التي ارتكبت ضد الإقليم، خلال دعوته للإستفتاء.

 وقالت الصحيفة في تقريرها، إن "عملية الاستفتاء الأخيرة التي نفذتها حكومة الإقليم والرامية للانفصال عن العراق، أظهرت عزوفا كبيرا في نسبة تفاعل السكان مع الاستفتاء، وحتى عدد المصوتين بالرفض للانفصال على عكس ما كان متوقعاً".

وأوضحت، أن "نسبة المشاركين في الاستفتاء لم تتجاوز أكثر من نصف السكان الذين يحق لهم التصويت، إضافة إلى أنها كانت أكثر مدينة حصدت (لا) في ورقة الاستفتاء، يوم الاثنين الماضي، في مدن الإقليم".
ويرجع مراقبون ذلك، وفق ما ذكرت الصحيفة، إلى عدة أسباب وعوامل، من بينها "الصبغة الدينية لسكان المدينة الذين عرفوا بمعارضتهم لسياسة زعيم الإقليم، مسعود البارزاني، الذي يطلقون عليه صفات عديدة من بينها (شوان عه لمه اني)، بمعنى راعي العلمانية، فضلا عن عوامل سياسية، من أبرزها وقوف سكان المدينة ضد الحزب الديمقراطي بزعامة البارزاني في تسعينيات القرن الماضي، في الحرب الأهلية الكوردية التي استمرت عدة سنوات بين حزب الاتحاد بزعامة الطالباني، والحزب الديمقراطي بزعامة مسعود البارزاني".
ونقلت الصحيفة عن القيادي في حزب الطالباني، محمد زيباري، قوله إنّ "رئيس إقليم كوردستان مسعود البارزاني اتخذ قرار الاستفتاء بشكل انفرادي"، مبينا أنّ "هناك اعتراضات كبيرة داخل الإقليم حزبيا وسياسيا وشعبيا، لكن خوفا من الانشقاق والانقسام داخل البيت الكوردي، أجبر الكثير من الجهات المعترضة على التسليم بإجراء الاستفتاء، حفاظا على وحدة الإقليم".
وأضاف أنّ "الكثير من الجهات الحزبية والشعبية التي لم تعترض علنا على المشاركة بالاستفتاء، لم تشارك فعليا به، وامتنعت عن التصويت أساسا"، مؤكدا أنّ "ذلك بدا واضحا في مدينة حلبجة، التي امتنع نصف أهلها عن التصويت ولم يشاركوا".
وأكد أنّ "حلبجة التي تعتبر رمزاً من رموز التضحية في كوردستان، يجب أن يكون لها صوت ولها وزن وألا يظلم أهلها مرة أخرى. لم يكن لها رأي في الاستفتاء، وامتنع نصف أهلها عن التصويت".

وحمّل رئيس الإقليم "مسؤولية كل ذلك، بسبب تعامله مع قضايا الوطن تعاملاً حزبياً وشخصياً، وصادر حقوق الأهالي في إبداء رأيهم أو اعتراضهم على قراراته".
وأعلنت مفوضية انتخابات كوردستان، في وقت سابق، أنّ نسبة المشاركة في الاستفتاء بلغت 72 بالمائة.
من جهتها، قالت النائبة عن حزب الطالباني، آلا الطالباني، في بيان صحافي، إنّ "نسبة التصويت في مدينة حلبجة لم تتجاوز الـ 50% من عدد سكانها"، مؤكدة أن "نسبة المصوتين بـ (لا) مرتفعة".
وبينت، أنّ "هذه المدينة التي أصبحت رمزاً للتضحية وهوية لمظلومية الكورد، لم يتحمس أهاليها للتصويت بنعم للحلم الكوردي، وخاصة أن مسعود البارزاني في خطابه الأخير خيّر الشعب الكوردي بين الحرية أو القبول بالأنفال والقصف الكيميائي والعبودية مرة أخرى".
وأضافت، أنّ "أحد المستشارين الإعلاميين المعروفين في الحزب الديمقراطي الكوردستاني، بعد إعلان النتائج الأولية، اتهم أهالي حلبجة بالخيانة والتبعية لإيران والمالكي، وكتب أنّه يتمنى أن تتعرض هذه المدينة لقصف كيميائي آخر ويموت منهم مئات الآلاف لأنهم لم يكونوا أوفياء لرئيسهم البارزاني".

كما أشارت إلى أنّه "في الموازنة الاتحادية لهذا العام استقتلنا إلى أن خصصنا مبلغاً زهيداً لهذه المدينة في القانون، ثم فوجئنا بأنّ الحكومة طعنت بهذه الفقرة في المحكمة الاتحادية"، مطالبة الجميع بـ "أخذ تصويت هذه المدينة نموذجا لمعاناة الشعب الكوردي وتذمره من عدم وجود العدالة واستشراء الفساد في حكومة الإقليم".
ودعت الحكومة العراقية إلى "إنصاف الشعب الكوردي لا معاقبته على سياسة الأحزاب الحاكمة"، مضيفةً "لا تستعجلوا بحكمكم، اسمحوا لي أن أعاتب البعض منكم، وأنا أسمعه يوميا ينتقد الحكومة وسياسة الأحزاب الحاكمة في بغداد، وأقرأ له اليوم يطلب وبشدة إنزال أشد العقوبات بالشعب الكوردي المغلوب على أمره وضربه بيد من حديد".
وأكملت الصحيفة في تقريرها، أن "عدد من الأحزاب الكوردية اعترضت على إجراء الاستفتاء حتى قبيل البدء به بأقل من يوم واحد، لكنّ الضغوط السياسية التي مورست ضدهم وخوفا من حصول انقسام داخل الإقليم اضطرتهم إلى المشاركة".
بدوره، أكد النائب عن كتلة التغيير البرلمانية الكوردية، النائب هوشيار عبد الله، أنّ "نسبة المشاركة الضئيلة في الاستفتاء أكدت أنّه لم يعبر عن تطلعات الشارع الكوردستاني".
وقال عبد الله، في تصريح صحفي: "لقد قلنا مرارا إنّ قرار الاستفتاء غير قانوني، وتم إجراؤه بقرار حزبي"، داعيا الحكومة المركزية لـ "التصرف بحكمة وعقلانية، والتعامل مع قضية الاستفتاء على أنّها قرار حزبي وأجندة شخصية لا تعبر عن تطلعات الشارع الكوردستاني".
وحلبجة هي مدينة عراقية تقع أقصى شمال العراق وتبعد 18 كلم فقط عن الحدود مع إيران، وتتبع إداريا لإقليم كوردستان العراق، إلى الجنوب الشرقي من السليمانية. ومطلع عام 2016 تم اعتبارها محافظة مستقلة بعدما كانت مدينة تتبع السليمانية، وتحدها جبال شتروي العراقية شمالا وبحيرة دربندي خان شرقا وتبعد عن العاصمة بغداد 300 كلم.
تعرضت المدينة لقصف بالسلاح الكيميائي عام 1988، وتبادلت كل من إيران والعراق الاتهامات بالوقوف وراءه، وتسبب بمقتل نحو 5 آلاف شخص غالبيتهم نساء وأطفال، وأصيب منهم 10 آلاف آخرون غالبيتهم توفوا في ما بعد متأثرين بإصاباتهم.
وفي كلمة له، قال رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي، أن العراق عانى بكل مكوناته من بطش النظام السابق، سواء كانوا عرباً أم كورداً أو من أي مكون آخر، فيما لفت الى أنه لا يمكن لوم بغداد على جرائم لم ترتكبها.