هل يمكن عكس الشيب المبكر؟
الاشراق | متابعة.
لطالما ارتبط الشيب بفكرة حتمية التقدّم في العمر، وكأن ظهور أول شعرة رمادية هو إعلان رسمي عن مرحلة لا عودة منها. لكن الطب الحديث بدأ يتعامل مع الشيب المبكر بطريقة أكثر مرونة، ويفتح الباب أمام سؤال جريء: هل يمكن فعلاً عكس الشيب واستعادة لون الشعر الطبيعي؟
متى يكون الشيب قابلاً للعكس؟
لفهم إمكانية عكس الشيب، يتعيّن أوّلاً معرفة ما يحدث داخل بصيلة الشعر. اللون ينتج من خلايا صبغية تُعرف بـ«الخلايا الميلانينية». عندما تتوقف هذه الخلايا عن العمل بشكل مؤقت، قد يظهر الشيب، لكن إذا كانت لا تزال موجودة ولم تُستنزف تماماً، فهناك فرصة حقيقية لعودة اللون.
بحسب المدير الطبي الإقليمي في 10X Health System، كاستل سانتانا، يعتمد الأمر على سبب الشيب: «إذا كان ناتجاً من إجهاد تأكسدي، أو نقص غذائي، أو خلل مؤقت في عمل الخلايا، فإن إعادة التوازن للجسم قد تؤدي إلى عودة جزئية للصبغة».
دور التوتر ونقص الفيتامينات
أثبتت دراسات حديثة، بينها أبحاث من جامعة هارفارد، أن التوتر المزمن يمكن أن يسرّع الشيب من خلال استنزاف الخلايا الجذعية الصبغية في بصيلات الشعر. اللافت أن خفض مستويات التوتر، وتحسين النوم، وإعادة تنظيم نمط الحياة، قد يسمح لبعض هذه الخلايا بالعودة إلى نشاطها الطبيعي.
أما نقص الفيتامينات والمعادن، فيُعد من أكثر الأسباب القابلة للعلاج. نقص فيتامين B12، والحديد، والنحاس، والفولات، وفيتامين D، يمكن أن يوقف إنتاج الصبغة مؤقتاً. وفي هذه الحالات، أظهرت التجارب السريرية أن تعويض النقص قد يؤدي إلى استعادة اللون بنسبة تراوح بين 20% و40%، وأحياناً أكثر لدى النساء في العشرينات والثلاثينات.
متى يصبح الشيب دائماً؟
ليس كل شيب قابلاً للعكس. عندما تُستنزف الخلايا الميلانينية تماماً أو تتضرر البصيلة بشكل دائم، تصبح عودة اللون أمراً غير مرجّح. هنا تلعب الجينات دوراً أساسياً، إذ تحدد سرعة استهلاك هذه الخلايا مع العمر. ومع ذلك، حتى في هذه الحالات، يمكن إبطاء انتشار الشيب ومنع تسارعه.
الجمال والعناية: ما الذي يساعد فعلاً؟
من المهم التمييز بين ما يدعم صحة الشعر وما يعيد اللون فعلياً. الزيوت الطبيعية، والتدليك، والعلاجات العشبية قد تحسّن كثافة الشعر ولمعانه، لكنها لا تعيد الصبغة. بالمقابل، العناية بصحة فروة الرأس، حماية الشعر من الشمس، تقليل التعرّض للتلوث، ودعم الجسم غذائياً هي خطوات أساسية للحفاظ على ما تبقّى من اللون.
الشيب المبكر ليس دائماً نقطة اللاعودة. في كثير من الحالات، يكون بمثابة إشارة من الجسم إلى خلل داخلي يمكن تصحيحه. ورغم أن استعادة اللون ليست مضمونة للجميع، فإن العلم يؤكد أن العناية المبكرة بالجسم ونمط الحياة قد تمنح الشعر فرصة ثانية… أو على الأقل، تبطئ رحلته نحو الرمادي.