معاريف: لماذا لا يشكل الوسط العربي في إسرائيل حزباً جديداً بلا موقف سياسي؟

الاشراق | متابعة.

كل من يتابع الاستطلاعات السياسية يلاحظ أن كتلة المعارضة تتفوق بأغلبية واضحة على الائتلاف على مدى السنتين منذ 7 أكتوبر. ومع ذلك، وحسب معظم الاستطلاعات، بدون “الموحدة” برئاسة منصور عباس، لا يمكن لكتلة المعارضة الحالية أن تشكل الحكومة القادمة. رئيس الوزراء نتنياهو الذي يعي هذا الأمر جيداً سارع لأن يعلن: “أخرجنا حتى الآن جزءاً من الإخوان المسلمين عن القانون، ونعتزم استكمال هذا العمل قريباً. الجناح الشمالي من الحركة الإسلامية، برئاسة الشيخ رائد صلاح، أخرج عن القانون في 2015، والآن، زعماً، حان دور الجناح الجنوبي. خطوة نتنياهو هذه، التي بالتأكيد كفيلة بأن تتحقق تستهدف منع ضم “الموحدة” إلى الائتلاف، مثلما كان بعد انتخابات 2021، قبيل حكومة بينيت – لبيد. وبالفعل، تنطلق في هذه الأيام أصوات من المعارضة تقول إن الحكومة القادمة ستقوم بدون حريديم وبدون عرب، لكن من الواضح أنه في لحظة الحقيقة سيكون عدم ضم “الموحدة” إلى الائتلاف عائقاً أمام إقامتها. إذا كان الوضع في الاستطلاعات سيتحقق حقاً، يبدو أن رؤساء المعسكر المعارض لنتنياهو سيفضلون ضم عباس و”الموحدة”، وألا يفوتوا فرصة تغيير هذه الحكومة السيئة.
في فترة العصر الذهبي لحكم “مباي” في الخمسينيات والستينيات، حرص الحزب الحاكم على إقامة أحزاب عربية تابعة. هذه الأحزاب شكلت ذراعاً سياسياً في وجه أحزاب اليسار الصارخ، مبام (حزب العمال الموحد) وماكي (الحزب الشيوعي الإسرائيلي)، ومن جهة أخرى، كانت نوعاً من ذراع الرقابة الحكومية على الوسط العربي. وهكذا أقام “مباي” خمسة أحزاب عربية، أبرزها كان “التقدم والتنمية”، الذي عمل في المجال المديني، و”الشراكة والأخوة” الذي عمل في أوساط البدو، و”الزراعة والتنمية” الذي عمل أساساً في الوسط القروي. الكثير من زعماء هذه الأحزاب كانوا من رجال النخبة العربية المحلية، المخاتير، والشيوخ وأصحاب الأراضي الذين كانوا مقربين من مؤسسة “مباي”، وكان من السهل لهم أن ينالوا الأذون المختلفة في الفترة التي كان فيها الوسط العربي تحت حكم عسكري. بعد إلغاء الحكم العسكري انطفأت هذه الأحزاب واختفت، وقامت مكانها أحزاب عربية مستقلة.
في ضوء الوضع الصعب للوسط العربي في إسرائيل هذه الأيام، على خلفية إهمال الحكومة معالجة الجريمة المستشرية في الوسط، فمن الشائق معرفة لسبب عدم طرح مبادرة لإقامة حزب عربي يقوم برنامجه السياسي على أساس معالجة أزمات الوسط دون اتخاذ موقف سياسي. حزب همه معالجة الفرد، وشؤون الأمن الشخصي، والتعليم، والصحة، والسكن والبنى التحتية، يكافح في سبيل ميزانيات مناسبة لتحقيق الاحتياجات ويعطي جواباً لمشاكل الوسط.
في ضوء فشل مطلق للأحزاب العربية التي هي في الكنيست اليوم، يبدو أن مثل هذا الحزب مع الأشخاص الصحيحين والمناسبين الذي يتبنى مبادئ وثيقة الاستقلال ويخدم بإخلاص وسطه أيضاً، سيحظى بتأييد واسع. هو كفيل بأن يحظى في الانتخابات بأربعة مقاعد على الأقل، وبها سيكون ممكناً إقامة حكومة براغماتية وناجعة.
أفرايم غانور
معاريف 1/12/2025

لا تتبنى الاشراق بالضرورة الاراء والتوصيفات المذكورة.