«ناسا» تكشف الشكل الحقيقي للمذنب «ثري أي أطلس»!

الاشراق | متابعة.

 كشفت وكالة الفضاء الأميركية «ناسا» عن أول صور واضحة للمذنب بين النجوم «ثري أي/أطلس» (3I/ATLAS)، التُقطت بواسطة مرصدها الشمسي «ستيريو» خلال الفترة الممتدة بين 11 أيلول (سبتمبر) و2 تشرين الأول (أكتوبر) 2025، رغم التوقعات السابقة التي رجّحت أن خفوته الشديد سيجعل رصده عبر أدوات المركبة شبه مستحيل.

وفي بيان رسمي، أكدت الوكالة أن هذه الصور ليست مجرد لقطات جديدة لمذنب عابر، بل تُعد دليلاً بارزاً على قدرات مرصد صُمّم أساساً لمراقبة الشمس، وتمكّن من رصد جسم صغير وسريع قادم من خارج النظام الشمسي بفضل تقنيات معالجة الصور المتقدمة.

كيف التقط «ستيريو» المذنب؟

 أُطلقت مهمة «ستيريو» عام 2006 عبر مركبتين فضائيتين تدوران حول الشمس في مدارين مختلفين، بهدف دراسة الطقس الفضائي من زوايا متعددة. ولا تزال إحدى المركبتين تعمل حتى اليوم، مزوّدة بأدوات حساسة تراقب المناطق القريبة من الشمس، حيث يَصعب الرصد الأرضي بسبب شدة الوهج.
 
وعندما مرّ «ثري أي/أطلس» خلف الشمس بالنسبة إلى راصدي الأرض، أصبحت متابعته أرضياً شبه مستحيلة، فيما تمكنت كاميرات «ستيريو» من التقاطه. ولتجاوز خفوته الكبير، استخدم فريق «ناسا» تقنية تقوم على محاذاة عشرات الصور المتتابعة وتكديسها فوق بعضها، لتتراكم الإشارة الضئيلة للمذنب بينما تتناقص الضوضاء البصرية، ما سمح بظهوره بوضوح أكبر.

وتُظهر الصور الجديدة أن المذنب يتحرك بسرعة هائلة تبلغ نحو 209 آلاف كيلومتر في الساعة، وهي سرعة معتادة للأجسام العابرة بين النجوم التي لا تدور حول الشمس، بل تندفع بطاقة حركية آتية من خارج منظومتنا.

كما تؤكد البيانات بشكل قاطع أن «ثري أي/أطلس» مذنّب طبيعي تماماً، ولا يحمل أي مؤشرات على كونه جسماً مصطنعاً، خلافاً للشائعات التي انتشرت خلال الأشهر الماضية.

رصد جماعي من المريخ… وما بعده
لم تكن مهمة «ستيريو» وحدها في المتابعة؛ إذ شاركت عدة مركبات ومراصد في جمع معلومات عن هذا الجرم السريع قبل مغادرته للبقعة القريبة من الشمس.

من مدار المريخ، التقطت مركبة «مستطلعة المريخ المدارية» (MRO) صورة للمذنب في 2 تشرين الأول (أكتوبر) 2025 بكاميرا «هاي-رايز»، بينما جمعت مهمة «مافن» بيانات بالأشعة فوق البنفسجية كشفت جانباً من تركيب غلافه الغازي.

وعلى سطح المريخ، التقطت مركبة «بيرسيفيرنس» لمحة خافتة له، ظهرت فيها نواته كبقعة ضوء ضعيفة وسط حقل نجوم، ما أضاف زاوية رصد جديدة ونادرة.

كما رصدته مهمات أخرى كانت في طريقها نحو أهداف بعيدة، مثل «سايك» و«لوسي»، وهو ما ساعد على تحسين نماذج حساب مداره بدقة أكبر.

نافذة قصيرة على زائر من بين النجوم
يمر «ثري أي/أطلس» بسرعة كبيرة عبر النظام الشمسي ولن يعود مجدداً، لذلك تعتمد الأبحاث على تجميع أكبر قدر ممكن من البيانات خلال فترة زمنية قصيرة. وتُعد هذه المشاهدات المتزامنة من مواقع متعددة إنجازاً علمياً مهماً يساعد في فهم طبيعة الأجسام القادمة من فضاءات ما وراء الشمس.

وبينما تواصل «ناسا» تحليل البيانات، يبقى المذنب «ثري أي/أطلس» مثالاً استثنائياً لقدرة التكنولوجيا الفضائية على تحويل المصادفة العابرة إلى اكتشاف علمي عميق الدلالة.