لا مكان للطفولة في غزة

الاشراق |  متابعة.

بينما يستيقظ أطفال العالم وهم يحلمون بيوم جديد، يستيقظ الطفل الفلسطيني في قطاع غزة وهو يحلم بيوم آمن، لا يسمع فيه أصوات الصواريخ أو أيّ تفجيرات، ويستطيع أن يحمل فيه حقيبة المدرسة بدلاً من جالون المياه، وأن يحتفل بسقوط أولى قطرات المطر بدلاً من الغرق فيها والدعاء بألّا تعود مجدداً.

حلقات العلم وطابور المياه
في مدرسة الإتقان التعليمية في حيّ الشيخ رضوان، استعجل الطالب آدم معلمته في الشرح، مبرّراً ذلك بالقول: «من أجل الحصول على المياه وإيصالها لخيمة العائلة».

وقال الطفل ذو الاثني عشر عاماً   «استشهد والدي في الشهور الأولى من الحرب، ولا أسمح لأمي بالوقوف في طابور المياه، لذلك أحاول الحصول على الدرس مبكراً لأذهب مسرعاً قبل إغلاق محطة المياه».

وأكد أنّه يحبّ التعلّم ويحرص عليه «على الرغم من المهام الصعبة التي نقوم بها من تعبئة المياه ونقلها إلى المنزل، وجمع الحطب والمساعدة في إشعال النار»، مضيفاً: «نحن نقاوم الاحتلال الإسرائيلي بعلمنا الذي سنعمّر به أرضنا ووطننا الحبيب».

وأوضحت المعلمة لينا سمور أنّ الطلاب يعيشون «بين نارين، نار العلم وحرصهم عليه وعلى حضور الدروس التعليمية، ونار المهام التي استجدّت عليهم في الحرب».

وأضافت: «يطالبني الطلاب بعقد الدرس في ساعة مبكرة من اليوم كي يستطيعوا اللحاق بعربة المياه التي تحضر غالباً في موعد انعقاد الدرس».

وتابعت: «على الرغم من أنني فخورة بطلابي وأطفال شعبي الذين يحرصون على تلقي الدروس التعليمية في ظروف تكاد تكون مستحيلة، إلا أن حياتهم تملأ القلب حزناً وألماً، لما يواجهونه من صعوبات العيش وافتقارهم لحياة إنسانية كريمة».

ويحلم الطفل عصام مهدي (8 أعوام) بحياة آمنة مطمئنة «تؤمّن لي سبل العيش الكريم». وقال : «لا يوجد مصدر دخل لعائلتي، والدي مصاب ونحتاج إلى المال كي نشتري بعض الطعام الذي يسدّ جوعنا».

وأضاف: «أخرج كل صباح حاملاً أكياس الخبز، أبيعها بنقود معدودة وأشتري بعض المعلّبات أو البقوليات، بينما أشاهد اللحوم والخضار والفواكه ولا أقوى على شراء أيّ منها».

أرقام وإحصائيات
بدوره، قال المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، في تصريح صحافي، إنّ «الاحتلال يقدّم في اليوم العالمي للطفل نموذجاً صارخاً لجرائم ممنهجة تخترق بصورة فاضحة قواعد القانون الدولي الإنساني واتفاقية حقوق الطفل واتفاقيات حماية المدنيين، مرتكباً حرب إبادة جماعية تستهدف الأطفال الفلسطينيين بشكل مباشر وممنهج».

وأكد المكتب الإعلامي أنّ الطفل الفلسطيني في قطاع غزة يعيش واقعاً كارثياً نتيجة حرب الإبادة الجماعية، مشيراً إلى أنّ أكثر من 20 ألف طفل قتلهم جيش الاحتلال الإسرائيلي «في جريمة تُعدّ الأكبر عالمياً ضد الطفولة في القرن الحاضر»، بينهم 1,015 طفلاً كانت أعمارهم أقل من عام واحد، منهم ما يزيد على 450 رضيعاً ولدوا واستشهدوا خلال الحرب «في دلالة على حجم الإبادة التي طالت أصغر الفئات العمرية».

وأشار المكتب إلى أنّ عشرات الآلاف من الأطفال أُصيبوا بجراحات بالغة أدّت في بعض الحالات إلى إعاقات دائمة، لافتاً إلى أنّ 864 طفلاً بُتروا نتيجة القصف المباشر، وقال: «تلك أكبر موجة إعاقات جماعية تصيب الأطفال في تاريخ فلسطين المعاصر».

 
وأوضح أنّ 5,200 طفل بحاجة إلى إجلاء طبي عاجل لإنقاذ حياتهم «في ظل منع الاحتلال المتعمّد لحقّ العلاج والتنقّل».

وأكد أنّ الاحتلال الإسرائيلي ما زال مستمراً في هندسة التجويع البطيء، وحرمان الأطفال من المواد الأساسية للحياة «ما يهدد 650,000 طفل بالموت جوعاً بشكل بطيء بسبب نقص الغذاء الكامل، بينما يتهدد الموت 40,000 رضيع بسبب نقص حليب الأطفال وهو أمر ينذر بكارثة إنسانية غير مسبوقة، تؤكد تعمد الاحتلال استهداف الأطفال الرضع ضمن سياسة الإبادة».

وقال إنّ 56,348 طفلاً يتيماً فقدوا أحد الوالدين أو كليهما، «في واحدة من أكبر موجات اليُتم الناتجة عن حرب واحدة في العصر الحديث، يعيشون اليوم بلا مأوى، بلا حماية، وبلا بيئة آمنة، ويتعرضون لصدمة جماعية ستترك آثارها لعقود طويلة».

ودعا المكتب المجتمع الدولي ومجلس الأمن والأمم المتحدة واليونيسف والمنظمات الدولية القانونية والحقوقية والإنسانية إلى تحمّل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية، واتخاذ خطوات عملية وفورية لحماية الأطفال الفلسطينيين في قطاع غزة وإدخال الغذاء والدواء وحليب الأطفال دون قيد أو شرط.

كما طالب بفتح تحقيق دولي مستقل في جرائم الإبادة الجماعية والقتل المتعمد للأطفال، وضمان محاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين الذين ارتكبوا هذه الجرائم أمام العدالة الدولية.