هدنة بلا أمان.. الغزيون ينددون بخروقات الاحتلال المتكررة!

الاشراق | متابعة.

ينتاب سكان قطاع غزة الخوف من استنساخ الاحتلال الإسرائيلي تجربة خرقه اتفاق وقف إطلاق النار كما يحصل مع حزب الله في لبنان، وذلك مع استمرار الخروقات العسكرية وقصف المنازل والسيارات بدون رادع. فمنذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بمدينة شرم الشيخ المصرية مطلع تشرين الأول/أكتوبر الماضي، اخترق الاحتلال الاتفاق أكثر من 100 مرة، موقعا شهداء وإصابات في صفوف الغزيين.
ولم يلتزم الاحتلال بالكثير من البنود التي تم الاتفاق عليها، فلم يتوقف هدير الطائرات المسيرة والحربية الإسرائيلية في سماء القطاع، كما أن المدفعية الإسرائيلية والدبابات المتمركزة داخل حدود غزة تطلق القذائف والأعيرة النارية تجاه خيام النازحين بشكل يومي، في خرق وانتهاك واضح لكل القوانين والأعراف الدولية، إلى جانب إحباط السكان من تجاهل حقوقهم.
ويواصل الجيش الإسرائيلي احتلال أكثر من نصف مساحة قطاع غزة، حيث أطلق على المنطقة التي تقع تحت سيطرته تسمية المنطقة الصفراء، والتي تستأصل جزءا كبيرا من المناطق المأهولة بالسكان بالتحديد في شمال القطاع، حيث تقع مدينة بيت حانون وأجزاء كبيرة من بيت لاهيا ومخيم جباليا تحت سيطرة الجيش، ويقوم بين الفينة والأخرى بالتقدم نحو خارج المنطقة الصفراء وإطلاق النار والقذائف نحو خيام النازحين.
حالة من الغضب العارم تنتاب السكان من الهدنة الهشة، التي يستكمل الاحتلال تحقيق أهدافه العسكرية تحت ذرائع أمنية واهية، حيث يدعي أن المقاومة لم تلتزم ببعض البنود، مثل تأخير تسليم الجثث، والتذرع بوجود حوادث أمنية وتفجير لمركبات إسرائيلية، أو تجاوز مقاومين الخط الأصفر، في المقابل يصعد الاحتلال من هجماته الجوية تحت غطاء أمريكي، موقعا ضحايا ودمارا كبيرا في المباني التي لا تزال قائمة.
في الحقيقة لم يتقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خطة ترامب الرامية إلى تحقيق السلام والتوصل لوقف إطلاق نار في غزة، بل أن الضغوط الأمريكية أجبرته على القبول، ونتيجة لذلك يحاول نتنياهو استكمال مسلسل أهدافه من خلال الخروقات المتكررة، والتي يتم خلالها تجميع عدد من الأهداف وضربها، وهذا ما بات واضحا خلال جولة التصعيد الأخيرة، حيث استهدفت الطائرات منازل مأهولة بالسكان تتبع بحسب ادعاءات الجيش لقيادات في حماس، لكن في الواقع سجل عدد كبير من الشهداء والمصابين في صفوف النساء والأطفال خلال جولة التصعيد الثلاثاء الماضي.
وتندد مؤسسات حقوقية باستمرار الاحتلال خروقاته لوقف إطلاق النار منذ اليوم التالي للاتفاق، وارتكاب انتهاكات ومجازر بحق المدنيين العزل. الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني «حشد»، أدانت في بيان استمرار الاحتلال في انتهاكاته الجسيمة بحق الفلسطينيين، وفي تعميق الأزمة الإنسانية رغم صدور قرار بوقف ملزم لإطلاق النار، لكن الاحتلال لا يلتزم بالقرارات والمعاهدات الدولية، وهذا يتطلب موقفا عربيا ودوليا جادا وسريعا، لوقف انتهاكات الاحتلال بحق السكان في غزة.
في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، حيث توقفت العملية البرية قبل توقيع الاتفاق، يستكمل الاحتلال تدمير المخيم بقصف المنازل المأهولة وتدمير المربعات السكنية، حيث ارتكب الأسبوع الماضي مجازر بحق مدنيين عزل، بعد قصف منازل فوق رؤوس سكانها عدا عن تدمير مربعات سكنية وتشريد سكان المخيم مرة أخرى.
في أحاديث منفصلة يعبر مواطنون عن امتعاضهم الشديد من استمرار الاحتلال في خرق اتفاق الهدنة والسلام في المنطقة، وذلك باحتلال مساحة كبيرة من قطاع غزة، واستمرار القصف حتى خلال الليل، حيث تشتد الطلعات الجوية للطائرات المسيرة التي تصدر أصواتا مزعجة، عدا عن القذائف التي تطلقها الدبابات في المناطق الفارغة والقريبة من مخيمات النازحين وشمال وشرق غزة، وتسبب ارتباكا وقلقا للأطفال والنساء وكبار السن.
يقول المواطن فادي مطر لقد «عم الفرح والسرور السكان في غزة، رغم ما تعرضنا له من نزوح وقهر ودمار واسع بعد توقيع وقف إطلاق النار، لكن منذ اليوم التالي لوقف الحرب لم نر على الأرض أي التزام إسرائيلي بالهدنة، رغم حرص المقاومة والغزيين بشكل عام بالشروط، التي لا تعطي الفرصة للاحتلال لاستئناف القتال مجددا».
وبين  أن الاحتلال بالتصعيد المتكرر يزيد من خوف السكان من الهدنة الهشة وانهيار السلام، فهناك أعداد كبيرة من سكان مخيم الشاطئ ومناطق واسعة من شمال مدينة غزة، لا يرغبون في العودة من جنوب القطاع الى مدينة غزة وشمالها، تحسبا من تصعيد إسرائيلي محتمل، والنزوح تحت القصف مرة أخرى.
ولفت إلى أن الخروقات المتكررة للهدنة، أثرت بشكل كبير على الواقع الاقتصادي في مدينة غزة على وجه الخصوص، فعلى صعيد مخيم الشاطئ لم تعد المحلات التجارية للعمل، حتى الأسواق الشعبية لا تعمل بكامل طاقتها، نتيجة عدم استقرار الأوضاع الأمنية، وخشية المواطنين من التجمعات التي اعتاد الاحتلال على استهدافها.
وفي جنوب قطاع غزة، لا يبدي المواطن النازح حامد أبو معروف أي رغبة في العودة إلى حي النصر وسط مدينة غزة، على الرغم من أن منزله لا يزال قائما ولم يتعرض لأضرار كبيرة، لكن الخوف من الخروقات وتعمد الاحتلال قصف عمق غزة والمناطق المأهولة بالسكان، يزيد من خوفه وآلاف النازحين الذين يرفضون العودة حتى تثبيت وقف إطلاق النار بشكل كامل.
ويتوقع في حديثه  أن لا يلتزم الاحتلال وقف إطلاق النار، نتيجة لأهداف خاصة برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي ليس راضيا عن الاتفاق الذي فرض عليه، ويريد استكمال الحرب لتحقيق مكاسب سياسية، مع قرب انتهاء ولايته والذهاب إلى انتخابات العام المقبل.
وطالب الوسطاء والمجتمع الدولي، بضرورة الضغط على الاحتلال وإلزامه باتفاق وقف إطلاق النار، وهذا يتطلب ضغطا أمريكيا ودوليا جادا على إسرائيل للانسحاب الكامل من القطاع، ومنع احتكاك الجيش بالسكان، دون ذلك لا يمكن أن يدوم الاستقرار في غزة، وستبقى الخروقات قائمة.
في تعقيب على ذلك يقول الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي شريف السيد، لم تكن إسرائيل راضية عن خطة ترامب للسلام التي فرضت عليها لوقف الحرب وعودة الأسرى الإسرائيليين، وتحاول احتواء أثر الاتفاق عبر المماطلة والتأويل بتكرار الخروقات، واستكمال ما يسمى أهداف الحرب، ومحاولة الاكتفاء بالمرحلة الأولى وعرقلة التوصل إلى المرحلة الثانية، التي يتم خلالها استكمال تثبيت وقف الحرب وانسحاب اسرائيل الكامل.
ويقول » إن نتنياهو يحاول كسب الجمهور اليميني في إسرائيل بالاستمرار في الحرب، فهو لا يرغب بالالتزام بالقرارات التي من شأنها أن تفقده قاعدة كبيرة من الناخبين المؤيدين له، لذلك يعيق تتابع المراحل ويماطل لكسب أكبر قدر من الوقت.
ويوضح أن هناك رغبة أمريكية بالتحديد من الرئيس ترامب في بقاء الاتفاق صامدا، باعتباره شخصا مؤثرا وقويا أنجز اتفاقا لأطول حرب في المنطقة، لكن في الوقت ذاته يمنح بعض المساحات العسكرية لإسرائيل التي قد تتضمن قصف مواقع وعمليات تتجاوز الخط الأصفر، وقيود على حرية حركة المساعدات الإنسانية.