"سافايا"..نهاية زمن السفراء وبداية عصر الوسطاء.!
الاشراق | متابعة.
في خطوة مثيرة للجدل وتوقيتٍ يحمل دلالات عميقة، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قبل أيام عبر منصته "تروث سوشيال"، تعيين العراقي–الأمريكي مارك سافايا مبعوثًا رئاسيًا خاصًا إلى العراق. القرار جاء ليطرح سلسلة من التساؤلات حول النوايا الأمريكية في العراق، ودور سافايا في إعادة تشكيل المشهد السياسي العراقي، وسط تلميحات إلى أن هذا التعيين قد يكون بداية لحقبة جديدة من النفوذ الأمريكي غير التقليدي، بأسلوب يذكّر بسلطات "المندوب السامي" في العهد الاستعماري – لكن هذه المرة بطابع معولم وشخصية مثيرة للجدل.
اللافت في التعيين ليس فقط التوقيت، بل شخصية المبعوث ذاته؛ مارك سافايا، المعروف في أوساط ولاية ميشيغان كتاجر ماريجوانا قانوني ومن أصول كلدانية عراقية، يتحول فجأة إلى ممثل رسمي لأمريكا في العراق، بعد فراغ دبلوماسي دام لأكثر من عام في منصب السفير الأمريكي في بغداد، لاسيما ان اختيار سافايا أثار موجة من الجدل، خاصة في الأوساط السياسية العراقية، التي رأت في الخطوة تجاوزًا للأعراف الدبلوماسية وتأكيدًا على أن واشنطن باتت تتعامل مع بغداد بمنهج جديد، يقوم على الشخصيات "غير التقليدية" ذات العلاقات المتشابكة.
وحذر عضو مجلس النواب، علي تركي من تعيين مبعوث خاص من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب للعراق، واصفا الخطوة بأنها مخالفة للأعراف الدبلوماسية وتمثل انتقاصا واضحا من السيادة الوطنية.
وقال تركي إن "سياسات ترامب تجاه دول العالم تتسم بالاستعلاء وتخدم المصالح الصهيونية بالدرجة الأولى"، مؤكدا أن "إرسال مبعوث غير دبلوماسي إلى العراق يُعد استخفافا بمكانة وسيادة الدولة العراقية.
وأضاف أن "دور المبعوث الأميركي لا يخرج عن كونه دورًا إملائياً، يشبه مهام المبعوثين إلى أوكرانيا ولبنان وفلسطين، والذين يهدفون إلى فرض أجندات تخدم المشروع الأميركي الصهيوني، ومنها الدفع باتجاه التطبيع والترويج لمشروع الاتفاق الإبراهيمي"، محذرا من "الآثار السلبية المحتملة لهذا الدور على الجانب الامني والاقتصادي في العراق.
ودعا تركي القوى السياسية إلى اتخاذ موقف حازم برفض هذا المبعوث، كما انتقد الحكومة لما وصفه بـ"استعدادها للتفريط بالسيادة العراقية مقابل إرضاء الإدارة الأميركية طمعا في دعم سياسي للفترة المقبلة.
التكهنات بدأت بالتصاعد، حول طبيعة المهام التي أوكلها ترامب لسافايا، خاصة في ظل تصريحاته التي قال فيها ان مارك يحمل فهما عميقا للعلاقات العراقية الأمريكية، وعلاقاته في المنطقة، سيسهم في تعزيز مصالح الشعب الأمريكي.
تصريح ترامب لا يُخفي طموحًا أمريكيًا بإعادة ترتيب البيت العراقي الداخلي بما يخدم أجندات واشنطن، فهل سيكون سافايا هو مهندس الحكومة المقبلة في بغداد؟ وهل سيلعب دور الوسيط بين الفرقاء العراقيين لترتيب التوازنات وفق رؤية أمريكية جديدة؟ هذه الأسئلة تفتح الباب على مصراعيه أمام مرحلة سياسية قادمة قد تتسم بتدخل أمريكي أكثر حدة، لكنه أكثر مرونة أيضًا.