احداث السويداء.. قراءة مختلفة!
الاشراق | متابعة.
يوم الاثنين الماضي دخلت مجموعات مسلحة تابعة لحكومة ابومحمد الجولاني (الشرع) الى محافظة السويداء جنوبي سوريا، بعد اندلاع اشتباكات بين جماعات مسلحة بين الدروز والبدو، خلّفت عشرات القتلى. وفي يوم الأربعاء، شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي غارات جوية على اهداف في محافظات السويداء ودرعا ودمشق وريفها، بذريعة حماية الدروز، وفي اعقاب ذلك انسحبت قوات الجولاني من المحافظة.
-الطريقة التي تعاملت بها قوات الجولاني، مع الدروز في السويداء، والصور التي تم تناقلها، حيث استخدمت هذه القوات الاسلحة الثقيلة داخل المدينة وسقوط اكثر من 500 قتيل، اعاد للاذهان الصور البشعة لفتنة الساحل السوري الذي ذهبت ضحيتها المئات من العلويين.
-بداية لابد من التاكيد على ما هو مؤكد، وهو ان الكيان الاسرائيلي لن يحمي او يدافع عن احد، بل يعتبر من اهم اسباب انعدام الامن في سوريا والمنطقة، وان كل الذي فعله منذ عام 2011وحتى الان في سوريا، كان هدفه الوصول الى هذا اليوم، لتفجير سوريا وتشظيها الى دويلات عرقية وطائفية متصارعة، لتسهيل عملية قضم المزيد من الاراضي السورية وانهاء سوريا كوجود.
-الشيء اللافت في فتنة السويداء، هو تصرفات قوات الجولاني، التي دخلت السويداء تحت يافطة الحفاظ على الامن والهدوء فيها، فاذا بهذه التصرفات تتجاوز كل حدود الاستفزاز غير المبرر، وذلك عندما قامت باهانة صورة الزعيم السوري الوطني سلطان باشا الاطرش، واهانة شيوخ الطائفة الدرزية، كحلق شواربهم والعبث بعمائمهم، الامر الذي اجج من نار الفتنة، التي احترق بنارها المئات من الابرياء، وهي فتنة قدمت للكيان الاسرائيلي ذريعة على طبق من ذهب للتدخل الفج في سوريا، والظهور بمظهر المدافع عن الدروز. واللافت اكثر هو انسحاب قوات الجولاني دون اي مقاومة بعد ان اختلقت الفتنة ووفرت الارضية للتدخل الاسرائيلي، وهو ما دفع المراقبين لتقصي الاسباب والاهداف الحقيقية لهذه التصرفات غير الانسانية وغير الاخلاقية، للمجموعات المسلحة.
-الدخول الاسرائيلي المباشر في احداث السويداء، وما تبعه من انسحاب قوات الجولاني من المحافظة، اثار العديد من علامات الاستفهام، حول ما حدث، فهناك من اشار الى وجود تنسيق بين حكومة الجولاني والكيان الاسرائيلي، لتخريج هذه الفتنة، لاسيما انها جاءت بعد لقاءات جرت بين اعضاء في حكومة الجولاني ، بل وحتى الجولاني نفسه، مع ممثلين للكيان الاسرائيلي يوم السبت الماضي في العاصمة الاذربيجانية باكو، حيث اشارت وكالة الصحافة الفرنسية الى ان اللقاءات ناقشت القضايا ذات الاهتمام المشترك!.
-من المعروف ان الجولاني واغلب اعضاء حكومته ، وحتى اعضاء في ادارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب، وكذلك اعضاء في الحكومة الالاسرائيلية، تحدثوا وبشكل علني عن عقد لقاءات بين الحكومة السورية الجديدة والكيان الاسرائيلي بهدف تطبيع العلاقات بينهما، بل ان الجولاني ذهب الى ابعد من ذلك عندما قال ان لسوريا و"اسرائيل" اعداء مشتركين!. فلماذا يا ترى تلجأ "اسرائيل" للتعامل مع الجولاني بهذه الطريقة المهينة رغم انه رفع الراية البيضاء امامها منذ اليوم الاول، وقاتل في سوريا كل الاطراف التي قاتلت "اسرائيل" خلال العقد الماضي؟.
من الواضح، كما يقول العديد من المراقبين، ان الحكومة السورية بقيادة الجولاني، ليست لديها اي اهداف خاصة في سوريا، وكل الاهداف التي تسعى لتحقيقها، هي اهداف تم وضعها قبل اكثر من عقد في واشنطن وتل ابيب، وكل كلام غير هذا هو ذر للرماد في العيون.
-علاج جرحى المجموعات الارهابية المسلحة في الكيان الاسرائيلي على مدى 10 سنوات، وتحول الجولاني الارهابي المطلوب للغرب وامريكا، الى "الشرع"، الذي يتسابق المسؤولون الغربيون على لقائه، تلغي امريكا بجرة قلم كل العقوبات الاقتصادية التي جوعت من خلالها الشعب السوري لسنوات طويلة، وكذلك موقف الجولاني التطبيعي مع الكيان الاسرائيلي، والمعادي لمحور المقاومة، وطريقة تعامل مجامعية المسلحة القاسية مع الاقليات الطائفية والعرقية، كلها دلائل تشير الى ان ما جرى في الساحل بالامس واليوم في السويداء وقبل ذلك في حمص وحلب، جاء في اطار مخطط ينتهي بانتهاء سورياز
-اخيرا، هناك درس في غاية الاهمية يمكن استخلاصه من تطورات المشهد السوري ، وهو ان من الخطا القاتل ان تسلم سلاحك بينما العدو يتسلح ويتربص بك. فلا شيء يوقف الوحش الاسرائيلي المدعوم من امريكا والغرب، الا القوة ، وخير ما فعلته فصائل المقاومة في لبنان والعراق واليمن، رفض تسليم سلاحها، بعد ان اثبتت التجربة السورية، ان الوحش الاسرائيلي لا ياكل الا الضعفاء.