"البانيزي".. المرأة الشجاعة التي تستحق نوبل!
الاشراق | متابعة.
قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، في منشور على موقع "إكس" أفرض عقوبات على مقررة الأمم المتحدة الخاصة لحقوق الإنسان فرانشيسكا ألبانيزي، لجهودها غير الشرعية والمخزية لحث المحكمة الجنائية الدولية على التحرك ضد مسؤولين وشركات ومديرين تنفيذيين أميركيين وإسرائيليين.
-قبل ذلك وصف الرئيس الامريكي دونالد ترامب البانيزي بالمجنونة. كما طالب 16 نائبا جمهوريا وديمقراطيا في الكونغرس الامريكي، بعزلها من منصبها وطالب مندوب الكيان الاسرائيلي لدى الامم المتحدة، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش باقالتها من منصبها بزعم أنها “تحمل" آراء عنصرية كما اتهمت من قبل الكيان الاسرائيلي بانها تتلقى اموالا من الفلسطينيين. ومنعت من دخول الأراضي المحتلة . وتم تتويج حملة التشهير المسعورة التي تقودها "اسرائيل" واللوبيات الصهيونية في امريكا ضد البانيزي، بتهديدها بالقتل وتصفيتها جسديا.
-خطيئة البانيزي التي استحقت بسببها كل هذه الحملة المهووسة، هي انها عملت على ضوء وظيفتها بوصفها مقررة خاصة لحقوق الانسان قي الاراضي الفلسطينية المحتلة، فهي مكلفة برصد الانتهاكات في الأراضي الفلسطينية، ووصفت ما يجري في غزة بوضوح كجريمة إبادة جماعية تُرتكب على مرأى ومسمع العالم، وتحدثت صراحة عن تواطؤ القوى الكبرى، خاصة الولايات المتحدة، عبر التسليح والتغطية السياسية. كما انتقدت الدول التي تجاهلت تنفيذ المذكرة الصادرة باعتقال رئيس الوزراء الاسرئيلي بنيامين نتنياهو خلال مروره عبر اراضيها.
-لا يحتاج المرء ان يمتلك قوة تحليل ليحكم على الكارثة التي تحل على حكم القانون الدولي، فعندما يتم فرض عقوبات على شخصيات يعملون وفق القانون الدولي لمجرد ان حكمهم لا يروق لامريكا وربيبتها "اسرائيل"، فالعالم بدا يدخل قانون الغاب من اوسع ابوابه. اللافت ان البانيزي، ليست الهدف الاول او الاخير للتفرد الامريكي والتوحش الاسرائيلي. فامريكا تتربص بكل من يفضح جرائم " اسرائيل"، لسبب واضح وهو وجود دور امريكي مباشر في هذه الجرائم، وهذا السبب هو اضا كان وراء فرض امريكا عقوبات على قضاة المحكمة الجنائية الدولية بعد إصدارهم مذكرات اعتقال ضد مجرمي الحرب نتنياهو وغالانت.
-العقوبات الأمريكية بحق الخبيرة الأممية جاء لحماية امريكا قبل حماية مجرم الحرب نتنياهو، فتقارير البانيزي فضحت امريكا والغرب، بعد تورط الشركات العالمية في الإبادة الجارية في فلسطين، بهدف تسهيل مخطط "اسرائيل" لتهجير الفلسطينيين، فهناك شركات اسلحة عالمية وفرت لـ"اسرائيل" 35 الف طن من المتفجرات ألقتها على القطاع، وهي تعادل 6 أضعاف القوة التدميرية للقنبلة النووية التي ألقيت على مدينة هيروشيما اليابانية، وهناك أكثر من 60 شركة عالمية كبرى متورطة في الإبادة الجماعية” ضد الشعب الفلسطيني، بينها عمالقة التكنلوجيا مثل غوغل ومايكروسوفت وامازون، التي تشارك في عمليات التجسس وتزود "إسرائيل" بالبرمجيات اللازمة للمراقبة، إضافة إلى شركات الأسلحة مثل لوكهيد التي تقدم القنابل والقاذفات، وشركات الاليات الثقيلة مثل كاتربيلر وهيونداي التي توفر الجرافات المستخدمة في تدمير البيوت الفلسطينية.
-ان فرانشيسكا البانيزي، المرأة الفولاذية الشجاعة، ليست مجرد خبيرة أممية؛ فهي صوت قانوني وحقوقي يتحدى الصمت الدولي، ويضع القوى الكبرى أمام مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية في وجه مأساة الإبادة الجماعية المستمرة في غزة ، وان محاولات اسكاتها بالتهديد والوعيد والتشهير والحرب النفسية، تمثل انحرافا خطيرا عن مباديء القانون الدولي وحقوق الإنسان، ويُعد استهدافا مباشرا لاستقلالية عمل المقررين الخاصين بالأمم المتحدة، الذين يفترض أن يتمتعوا بالدعم والحماية، لا ان يعاقبوا لمجرد التزامهم بمهامهم وكشفهم الجرائم بمسمياتها الحقيقية.
-الهجوم على البانيزي يُنذر بعالم بلا قواعد، عالم يُسمح فيه لدول مثل الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية دون أي مساءلة أو رادع، فالعدالة الدولية تخنق، وشرعية حقوق الانسان تتبخر، وقوى الشر التي تتحكم بالعالم، تجعل من الارهابي التكفيري ثوري، والقاتل المجرم المتورط بالابادة رجل سلام صاحب قيم ديمقراطية، فلا عجب ان يسعى هذا النظام الارهابي لازاحة هذه السيدة الايطالية الشجاعة، في زمن عز فيه الشجعان، فهي تدفع ثمن صدقها وعدم كذبها، لذلك وعوضا عن ان يتم تكريمها، تمنع من السفر، وتجمد حساباتها، وتمارس ضدها شتى الضغوط.
-امريكا تتعامل مع اكاديمية وحقوقية مرموقة، كما تتعامل مع ارهابيين، وتفرض عليها عقوبات وحظر، كما تعاملت مع المحكمة الجنائية الدولية وقضاتها، حيث فرضت عليهم حظرا وعاقبتهم ومنعتهم من دخول امريكا، وكانهم مجموعة من الارهابيين او ميليشيا، الامر الذي جعل الاصوات التي كانت تطالب بنقل مقر منظمة الامم المتحدة من امريكا الى مكان اخر، تتعالى مرة اخرى، بعد ان استغلت امريكا، وخلافا للقانون، تواجد مقر الامم المتحدة في اراضيها لممارسة الضغوط على كل من يكشف عن وجهها القبيح، ويفضح جرائم ربيبتها "اسرائيل".
-اخيرا، على كل المنصفين في العالم، الذين لا يخشون من الهيمنة الامريكية والتوحش الصهيوني، ان يقوموا فورا بترشيح فرانشيسكا ألبانيز لجائزة نوبل للسلام، بعد ان جسدت وبشكل عملي صوت المظلومين والمحرومين والمحاصرين في فلسطين، الذين يتعرضون لإبادة من قبل اقوى دولة مهيمنة على الامم المتحدة والقرار الدولي، فبهذه الطريقة يمكن توجيه صفعة مدوية، لترامب الذي يستجدي جائزة نوبل بلا استحقاق او حياء، وكذلك توجيه صفعة للاستكبار الامريكي والهمجية الصهيونية، ولإظهار الدعم للسيدة الشجاعة التي هزت عرش الطواغيت ومجرمي الحروب، حتى لا تواجه مصير فاتو بنسودا، المدعية العامة السابقة للمحكمة الجنائية الدولية، او كريم خان، المدعي العام التالي.