"ديب سيك" يتعرض لهجمات واسعة بعد إلحاقه الخسائر بسوق أوروبا وأميركا التكنولوجي
الاشراق | متابعة.
أعلنت شركة التكنولوجيا الصينية الناشئة "DeepSeek"، تعرّضها لهجوم إلكتروني، يوم أمس الاثنين، أدّى إلى تعطيل قدرة المستخدمين على التسجيل في الموقع.
وقالت الشركة، التي أثار روبوت الدردشة الاصطناعي الخاص بها "حالة من الجنون" في عالم التكنولوجيا، إنّها تعرّضت لـ"هجمات ضارة واسعة النطاق" على خدماتها.
وبدأت "DeepSeek" في جذب المزيد من الاهتمام في صناعة التكنولوجيا المتطوّرة الشهر الماضي عندما أصدرت نموذجاً جديداً للذكاء الاصطناعي تفاخرت بأنّه يتساوى مع نماذج مماثلة من شركات أميركية مثل "OpenAI" التي تصنع "ChatGPT".
وبحلول يوم أمس الاثنين، أصبح "DeepSeek AI" هو التطبيق المجاني رقم 1 الذي تمّ تنزيله على متجر "iPhone" الخاص بشركة "Apple".
وقد أثارت هذه القفزة في الشعبية الجدل بشأن المنافسة الاقتصادية والجيوسياسية بين الولايات المتحدة والصين في تطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. وأعرب مراقبو صناعة التكنولوجيا الأميركية عن قلقهم بشأن فكرة أنّ الشركة الصينية الناشئة قد لحقت بالشركات الأميركية في طليعة الذكاء الاصطناعي التوليدي بجزء بسيط من التكلفة.
ويثير ذلك تساؤلات بشأن المبالغ الضخمة من المال التي تقول شركات التكنولوجيا الأميركية إنّها تخطط لإنفاقها على مراكز البيانات والرقائق الكمبيوترية اللازمة لتشغيل المزيد من التطورات في الذكاء الاصطناعي، بحسب تقرير في وكالة "أسوشييتد برس".
فما هو "DeepSeek"؟
تأسّست شركة "DeepSeek" الناشئة في عام 2023 في هانغتشو بالصين، وأصدرت أول نموذج لغة كبيرة للذكاء الاصطناعي في وقت لاحق من ذلك العام.
شارك الرئيس التنفيذي للشركة، ليانغ وينفنغ، سابقاً في تأسيس أحد أكبر صناديق التحوّط في الصين، "High-Flyer"، والذي يركّز على التداول الكمّي المدفوع بالذكاء الاصطناعي.
وبحلول عام 2022، جمع الصندوق مجموعة من 10000 من شرائح معالج الرسوميات "A100" عالية الأداء من "Nvidia" ومقرّها كاليفورنيا، والتي تُستخدم لبناء وتشغيل أنظمة الذكاء الاصطناعي، وفقاً لمنشور في ذلك الصيف على منصة التواصل الاجتماعي الصينية "WeChat"، لكن الولايات المتحدة قامت بعد ذلك بتقييد مبيعات هذه الرقائق إلى الصين.
وقالت "DeepSeek" إنّ نماذجها الأخيرة تم بناؤها باستخدام شرائح "H800" ذات الأداء الأقل من "Nvidia"، والتي ليست محظورة في الصين، ممّا أرسل رسالة مفادها أنّ الأجهزة الأكثر فخامة قد لا تكون ضرورية لأبحاث الذكاء الاصطناعي المتطورة.
وكانت ورقة بحثيّة متابعة نُشرت الأسبوع الماضي - في يوم تنصيب الرئيس دونالد ترامب نفسه - هي التي أشعلت الذعر، إذ تدور تلك الورقة حول نموذج آخر للذكاء الاصطناعي من "DeepSeek" يسمى "R1"، والذي أظهر مهارات "استدلال" متقدّمة، مثل القدرة على إعادة التفكير في نهج معيّن في حلّ مشكلة رياضية، وكان أرخص بكثير من نموذج مماثل تبيعه شركة "OpenAI" يسمّى "o1".
ماذا وراء هذه القدرات التقنية لـ "DeepSeek"؟
ووراء هذه القدرات التقنية لـ "DeepSeek"، هناك نقاش داخل الولايات المتحدة بشأن أفضل السبل للتنافس مع الصين في مجال الذكاء الاصطناعي.
وبحسب "أسوشييتد برس"، فإنّ الاهتمام بـ "DeepSeek" يهدّد أيضاً بـ"تقويض استراتيجية رئيسية للسياسة الخارجية الأميركية في السنوات الأخيرة لتقييد بيع أشباه الموصلات المصمّمة للذكاء الاصطناعي في أميركا إلى الصين".
وبشأن آثار التقدّم الذي أحرزته شركة "DeepSeek" في مجال الذكاء الاصطناعي من دون القدر نفسه من الإنفاق، أوضحت "أسوشييتد برس" أنّ ذلك "قد يقوّض الاستثمار المحتمل" في الذكاء الاصطناعي بقيمة 500 مليار دولار من قبل "OpenAI" و"Oracle" و"SoftBank"، والذي أشاد به ترامب في البيت الأبيض.
وانخفض سهم "Nvidia" بنسبة 17% يوم الاثنين، لكن الشركة أشادت في بيان بعمل "DeepSeek" باعتباره "تقدّماً ممتازاً في مجال الذكاء الاصطناعي" والذي استفاد من "النماذج والحوسبة المتاحة على نطاق واسع والتي تتوافق تماماً مع ضوابط التصدير".
في هذا السياق، قال غريغوري ألين، مدير مركز "وادواني" للذكاء الاصطناعي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إنّ "الابتكار التكنولوجي حقيقي، لكنّ توقيت الإصدار سياسي بطبيعته"، مستشهداً بإعلان "DeepSeek" الأسبوع الماضي بإطلاق شركة هواوي الصينية الخاضعة للعقوبات الأميركية هاتفاً جديداً خلال المناقشات الدبلوماسية حول ضوابط التصدير التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي السابق بايدن في عام 2023.
وأضاف ألين أنّ "محاولة إظهار أنّ ضوابط التصدير غير مجدية أو غير منتجة هي هدف مهم حقاً للسياسة الخارجية الصينية في الوقت الحالي".
وفي حديثه يوم الاثنين إلى الجمهوريين في مجلس النواب في ميامي، وصف ترامب أخبار "DeepSeek" بأنّها "إيجابية إذا كانت دقيقة لأنها تظهر أنّه لا ينبغي إنفاق الكثير وستحصل على النتيجة نفسها". ووصف التطور بأنّه "جرس إنذار لصناعاتنا بأنّنا بحاجة إلى التركيز على المنافسة للفوز".
ووقّع ترامب أمراً في أول يوم له في منصبه الأسبوع الماضي قال فيه إنّ إدارته "ستحدّد وتزيل الثغرات في ضوابط التصدير الحالية"، ممّا يشير إلى أنّه من المرجّح أن يستمر في نهج بايدن ويعزّزه.
ما الذي يجعل "DeepSeek" مختلفة؟
أحد الأشياء التي تميز "DeepSeek" عن المنافسين مثل "OpenAI" هو أنّ نماذجها "مفتوحة المصدر"، ممّا يعني أنّ المكوّنات الرئيسية مجانية لأيّ شخص للوصول إليها وتعديلها، على الرغم من أنّ الشركة لم تكشف عن البيانات التي استخدمتها للتدريب.
لكن ما جذب أكبر قدر من الإعجاب حول نموذج "R1" من "DeepSeek" هو ما تسمّيه "Nvidia" "مثالاً مثالياً لـ Test Time Scaling" - أو عندما تُظهر نماذج الذكاء الاصطناعي بشكل فعّال سلسلة أفكارها، ثم تستخدم ذلك لمزيد من التدريب من دون الحاجة إلى تزويدها بمصادر جديدة للبيانات.