صيادو الفاو.. رحلة بحث دائم عن الرزق لا تأبه لأمواج البحر والرياح العاتية
الإشراق | متابعة.
مدينة الحناء تلك التي تغفو على مياه الخليج لتستيقظ باكرا على صيحات الصيادين يستنفرون هممهم ليمخروا عباب البحر وأمواجه باحثين عن الرزق، تلك هي الفاو التي توارث أبناءها مهنة الصيد جيلا بعد آخر، ينطلقون وهم يمتطون صهوة مراكبهم، أو (لنجاتهم) كما اعتادوا تسميتها بلهجة اهل البصرة التي درجوا عليها.
رحلة قد تطول او تقصر، وقد تدوم أحيانا لعشرة أيام أو اكثر.
أبو محمد أحد الصيادين على متن اللنجات كان أول من التقيناه، ما أن تنظر إليه حتى ترى خبرة السنين التي عركتها التجارب قد تركت أثارها واضحة على محياه، يلهج أبو محمد دائما بذكر الله ويتوكل عليه في رحلة رزق دائمة، تختلف في مواردها بين موسم واخر، فصيد الشتاء يقول ابو محمد يختلف عن صيد الصيف، وكل له أنواعه التي يمتاز بها.
يقول أبو محمد "في الشتاء يكثر صيد الروبيان، وهذا النوع له شباكه الخاصة التي تعرف بالكوفة، وهي اشبه بالسلة التي ترمى في البحر وتسحب بواسطة مكائن خاصة، وتدوم هذه العملية ليلاً ونهارا دون توقف ويتناوب البحارة في مناوبات لا يوقفها ألا هبوب الريح العاتية، والكوفة تستقر في جوف البحر لأربع ساعات متواصلة، تسحب بعدها من المياه مع ما تحمله من صيد يوضع في أماكن مخصصة داخل اللنج".
حبيب هو قائد اللنج أو كما يسمونه بالنوخذة، عركته هو الاخر تجارب السنين حتى بات ملما بصيد البحر وأنواعه ومواسمه.
يستطرد حبيب قائلاً إن "موسم الشتاء يشهد قلة في صيد الأسماك وكثرة بصيد الروبيان خلافا لموسم الصيف الذي يشهد بدوره وفرة في صيد الاسماك بمختلف انواعها مثل الصبور والزبيدي والهامور والنويبي والشانج والمزلق ورأس الثور وغيرها من الأسماك البحرية التي تكاد تمتاز بها البصرة دون سواها".
ويضيف حبيب، أن "هناك زوارق تقصدنا في عرض البحر لتشتري ما جادت به مياه الخليج عليهم من صيد، يقوم أصحابها ببيعه في أسواق الفاو أو البصرة".
أما جل ما يخشاه اولئك الصيادون خلال رحلاتهم بحسب (حبيب) فهو الرياح العاتية والأمطار الغزيرة وما يرافقها من أمواج عالية من شأنها أن تلحق أضرارا جسيمة بمراكب صيدهم، الامر الذي قد يكلفهم اعباء مالية لا طائل لهم بها.
ويشتكي الصيادون من التكاليف المالية الباهظة التي يتطلبها توفير عدد الصيد وتأثير ذلك على ما يكسبونه من مردودات مالية، مطالبين بتوفير دعم حكومي أكبر يخفف من وطأة معاناتهم مثل تخفيض أسعار الوقود أو توفير شباك ومعدات الصيد بأسعار مدعومة، ألا أن غياب ذلك الدعم تعزوه مديرية زراعة البصرة الى غياب قاعدة بيانات موحدة للصيادين.
إذ يقول مسؤول قسم الأسماك في المديرية عباس دخيل إن "جمعية الصيادين هي من تنظم عمليات الصيد في المياه الإقليمية وهي من تدير ايضا علوة السمك في الفاو وهو الاسم الدارج لسوق بيع السمك، كما أنها الجهة المسؤولة عن إصدار التراخيص للصيادين".
ويتابع بالقول إن "غياب الدعم المباشر من المديرية للصيادين سببه دم رغبة الصيادين في التسجيل لدى مديرية الزراعة من اجل منحهم إجازات دولية وتسديد رسوم التراخيص"، مضيفا ان "الدعم الوحيد الممكن لهذه الشريحة يقتصر على رفع مطالبهم بتخفيض أسعار الوقود للجهات المختصة".