هيئة تحرير الشام..بين السياسة والميدان

الاشراق | متابعة.

عادت هيئة تحرير الشام وقائدها العام أحمد الشرع “أبو محمد الجولاني”، إلى مسرح الأحداث الإقليمية، بعد انكفاء لنحو (5) سنوات، مرت فيها الهيئة بالعديد من المحطات الداخلية (على صعيد العلاقة مع الفصائل الأخرى في ادلب)، وعايشت التحولات الإقليمية والدولية الكبرى والتي أفرزتها (مرحلة كورونا، الحرب الأوكرانية، طوفان الأقصى..).

تعايشت هيئة تحرير الشام وذراعها السياسي (حكومة الانقاذ) في ادلب مع تلك المحطات، واكتسبت في تلك الفترة خبرة سياسية في التعامل مع الخصوم والأصدقاء، على قاعدة “تحييد الخصوم”، والتفاهم مع الأصدقاء، وعين قائدها العام “أبو محمد الجولاني” على مسار الحل السياسي الشامل للأزمة السورية والمتمثل باجتماعات استانة.

وعبر قائد الهيئة (أبو محمد الجولاني) العام الماضي بصراحة، عن لعب دور سياسي في مبادرات حل الأزمة السورية، معلنا أن إدارة الشؤون السياسية مرشحة لتمثيل “الثورة” والداخل السوري أمام الأطراف الخارجية، بعد فشل “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية” بذلك، على حد تعبيره. هذا الإعلان يشير إلى سعي الهيئة إلى ممارسة أدوار على مستوى الاستحقاقات السياسية على مستوى الحل النهائي للأزمة، بعد أن كانت تتهم من يشارك بها بالخيانة والردة.

وبالتوازي مع طموح الهيئة للعب أدوار سياسية وإقليمية، عززت هيئة تحرير الشام من تحالفاتها الفصائلية مع باقي الجماعات المسلحة في ادلب، بعد سلسلة من الانقسامات والمواجهات والتحديات الداخلية، بدءاً من حركة أحرار الشام وليس انتهاء بالجيش الوطني (تجمع مسلحين يتبع للحكومة السورية المؤقتة التي ترعاها تركيا)، واستطاعت جمع فصائل ادلب ضمن غرفة عمليات موحدة “غرفة عمليات الفتح المبين”.

ومنذ فك جبهة النصرة ارتباطها بتنظيم القاعدة عام 2016، سعى “أبو محمد الجولاني” إلى تأسيس نهج جديد يقوم على “جهادية المنهج، وطنية الجغرافيا”، مستفيداً من تجارب العراق ومن تأثير الواقع السوري.

تجاوزت هيئة تحرير الشام العديد من العقبات خلال المرحلة الماضية، بعد انشقاقها عن داعش ومبايعة تنظيم القاعدة العالمي، ومن ثم فك الارتباط عنه، وتحولها إلى جبهة فتح الشام أولاً، ومن ثم إلى هيئة تحرير الشام، كسلطة محلية عسكرية وإدارية وسياسية. واستطاعت الحفاظ على قوتها وسيطرتها، وساعدها في هذا الأمر، تأسيسها لحكومة الإنقاذ، ومن ثم سيطرتها على الاقتصاد في ادلب، يضاف إليها الظروف الدولية، والتي تمثلت بجائحة كورونا، والحرب الأوكرانية، التي أدت إلى تراجع الاهتمام الدولي بالساحة السورية.

أطلقت الجماعات السلحة في ادلب معركة “ردع العدوان” بهدف تكتيكي وهو تأمين منطقة ادلب وأرياف حلب الجنوبي والغربي، بالسيطرة على بعض النقاط الحاكمة، وتحسين الموقع الدفاعي لها، وبالتالي ابعاد الجيش السوري عن مناطق نفوذ المسلحين.

وبدأت العملية بالسيطرة على “الفوج 46” وبعض القرى في ريف حلب الغربي. وبعد أن استتب لها الأمر، أعلنت “تحرير الشام” عن هدفها الجديد بالسيطرة على مدينة حلب الاستراتيجية في الشمال السوري، لتنتقل بعدها المعركة إلى حماة ومن ثم حمص، ووضعت دمشق هدفاً أسمى لها.

وتشكل معركة حمص أساسية في إطار تمدد هيئة تحرير الشام، أو تراجعها. فحمص عقدة وصل المحافظات السورية، ولها من المكانة الاستراتيجية أن تسمى المواجهة هنا بـ “أم المعارك” وهي التي تحدد وجهة وسير العمليات العسكرية.
دفعت العديد من الأسباب هيئة تحرير الشام إلى اتخاذ قرار المواجهة. تحسين الواقع الاقتصادي هو أحد أهم الأسباب. ففي ادلب يعيش (4) ملايين شخص، في محافظة لا تملك مقومات إقتصادية وتجارية توازي التمدد السكاني، مع وجود نسبة كبيرة من العاطلين عن العمل، وبالتالي فإن السيطرة على مدن جديدة، يعود بالفائدة الاقتصادية على حكومة الانقاذ، وعلى هيئة تحرير الشام والفصائل المتحالفة معها.

أما عن الأسباب العسكرية، ففي ادلب عشرات الفصائل المسلحة، والتي عانت من الفترة الماضية من ركود على مستوى المشاركات العسكرية، بالتزامن مع حركة تدريب وتجنيد غير مسبوقة، وبالتالي كان لا بد من معركة لهذه الجماعات مع “عدو خارجي”، يعيد تشكيل الجسم العسكري في ادلب، وتوحيده نحو معركة خارجية بدلاً من الانشغال بمعارك داخلية.

وعلى المستوى السياسي، تعطي المعركة الدائرة حالياً أفضلية للطرف المسيطر في فرض شروطه في مفاوضات الحل النهائي في سوريا، عبر السيطرة على مزيد من “المجالس المحلية”، والتي هي أحد المرتكزات في أي حل سياسي للازمة السورية.

استمدت “المجالس المحلية” شرعيتها من المرسوم التشريعي الصادر في دمشق عام 2011 (رقم 107)، كجزء من الإصلاحات التي أقرت في حينها لتهدئة التظاهرات. ويمكن أن يشكّل هذا المرسوم أساساً لإطار حل محتمل في البلاد، خصوصاً وأن الدستور الذي اقترحته روسيا في (كانون الثاني 2016)، في أستانا يتضمن أحكاماً تعتمد على اللامركزية الإدارية المنصوص عليها في (المرسوم 107).
قرأت هيئة تحرير الشام وقائدها الجولاني التحولات الدولية والإقليمية، في مرحلة “طوفان الأقصى”، واستثمرت في انشغال محور المقاومة في معركة الإسناد إلى جانب حركة حماس. وبالتزامن مع دخول وقف اطلاق النار في لبنان اثر عدوان خاض فيه حزب الله معارك عنيفة مع قوات الاحتلال الاسرائيلي، اعلنت “تحرير الشام” عملياتها العسكرية، واستغلت الضربات التي منيت بها المقاومة الإسلامية خلال حربها لاسناد قطاع غزة، من استشهاد الأمين العام السيد الشهيد حسن نصرالله، وشهادة قادة في الصف الأول لدى المقاومة.

وتشير المعطيات إلى أن لا دور تركياً مباشراً في معركة “ردع العدوان”، لكنها مستفيدة من تقدم المسلحين الحاصل وترغب به. وأشارت العديد من المعلومات إلى أن تركيا كانت على علم بهذه العملية، ولكنها غضت الطرف. لكن الثابت بأن تركيا لم تتعاون مع روسيا وايران بما خص الساحة السورية، في خضم انشغال محور المقاومة في دعم المقاومة في غزة.

كان من الممكن لتركيا أن تمنع هذه العملية أو أن تؤجلها، غير أنها اختارت مع الفصائل توجيه ضربة في سوريا في توقيت حساس بالنسبة للمقاومة في لبنان، وفي ظل المساعي الايرانية إلى وقف اطلاق النار في غزة.

وبدأت المعركة بعد أيام على اجتماع استانا الـ (22)، والذي بحث إجراءات بناء الثقة بين الأطراف، وإعادة إعمار سوريا وشروط عودة السوريين إلى وطنهم. وشدد المجتمعون حينها على السعي لتطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة.

وتشكل المعركة الحالية ضربة لمسار استانا، واتفاق وقف اطلاق النار المبرم عام (2020)، والذي جعل من تركيا “الضامن” للجماعات المسلحة، بعدم قيامهم بعمليات عسكرية، وبالتالي تقول المعطيات إن الدولة السورية تعتبر أنها في حل من أي التزام لها بموجب تلك الاتفاقيات، في حين حملت العديد من الجهات تركيا مسؤولية ما جرى، وما ستوؤل إليه الأمور.
وتعول الأطراف الضامنية الأخرى (روسيا وايران)، على الحلول السياسية مع تركيا لدفع أنقرة إلى أن تمارس دورها الضامن، بابعاد المسلحين وإعادة خارطة الانتشار العسكري إلى ما قبل (27 تشرين ثاني)، تاريخ بعد المعارك.

وان كان الدور التركي لا يزال مبهماً بعض الشي في عملية “ردع العدوان”، فإنه واضح في عملية “فجر الحرية”، والتي أعلنت عنا فصائل “الجيش الوطني”، الممولة بشكل مباشر من تركيا، والتي شنت هي الأخرى معارك استهدفت بالتحديد أماكن سيطرة الوحدات الكردية، ونجحت بالسيطرة على منطقة “تل رفعت” و”منبج” ومحيطهما في شمال حلب.

وتريد تركيا الاستثمار بتقدم الجماعات المسلحة في مناطق محافظتي حماة وحلب وأجزاء من حمص، للضغط السياسي على الحكومة السورية في دمشق، للاعتراف بالتواجد التركي المباشر في مناطق الحسكة وحلب القربية من الحدود التركية (مناطق درع الفرات ونبع السلام وغصن الزيتون)، وانتزاع تنازلات من دمشق، بما خص الترتيبات الأمنية في مفاوضات الحل الشامل.

كما تريد أنقرة تطبيع العلاقات مع الدولة السورية دون شروط مسبقة. ومن شأن اعادة العلاقات بين دمشق وأنقرة، فتح الأراضي السورية لمرور البضائع التركية إلى الاردن ومنها دول الخليج، وبالتالي تحسين الواقع الاقتصادي التركي، ورفع مستوى التعامل التجاري مع دول الخليج انطلاقاً من طريقي (M5)، الذي يصل الشمال السوري بالمحافظات الجنوبية ومنها إلى الاردن فالخليج.

كما تسعى تركيا من خلال توسيع سيطرة الجماعات المسلحة إلى التخلص من آلاف النازحين السوريين، واعادتهم إلى المناطق التي سيطر عليها المسلحون مؤخراً، وابعاد التهديد الأمني من حدودها الجنوبية، إلى مناطق سيطرة الدولة السورية.

كما اختارت الفصائل المسلحة توقيت عملياتها قبل وصول ترامب واستلامه رسمياً الرئاسة الأمريكية، وفي ظل عدم وضوح سياسة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الجديدة حيال الملف السوري.

تتماشى “تحرير الشام” مع الرغبة الأمريكية في إعادة ترتيب الخريطة السياسية في الشرق الأوسط، وباضعاف محور المقاومة والدولة السورية الداعمة للمقاومة الإسلامية في لبنان وللمقاومة الفلسطينية في غزة والضفة الغربية، وبالتالي تقاطعت مصالحها مع الكيان الإسرائيلي الراغب في تفتيت المنطقة واشغال شعوبها بمعارك جانبية.

تكتيكات هيئة تحرير الشام

استفادت هيئة تحرير الشام من نموذج حركة “طالبان” في أفغانستان، وهي التي لم تخف اعجابها بتجربة الحركة الأفغانية خلال استعادة سيطرتها على أفغانستان، بعد الانسحاب الأمريكي من هذا البلد (2021). ومدت الجماعة السورية جسور التواصل مع الموظفين الحكوميين في الدولة السورية لاعادة تسيير المرافق الخدماتية في حلب وحماة، وبالتزامن مع محاولة تحييد الأهالي عن تأثيرات العمليات العسكرية.

وتحاول هيئة تحرير الشام تقديم صورة منضبطة لمسلحيها في المناطق التي سيطروا عليها حديثاً خصوصاً في حلب وحماة، وبالتالي اعطاء صورة مخالفة لسلوك الجماعات المسلحة في مرحلة ما بعد (2011)، حيث طبعت المجازر بحق المدنيين الصورة في تلك الفترة.

وحيدت “تحرير الشام” في سلوكها الأخير مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية وبناها التحتية، في رسالة إلى المجتمع الدولي، بقدرة المسلحين على إدارة المناطق التي سيطروا عليها، وفق نظا مؤسساتي خدماتي.

وقدمت جماعة “تحرير الشام” ضمانات للطوائف في سوريا وللمكونات العرقية خصوصاً الأكراد، على قاعدة التساوي في الحقوق والواجبات مع باقي أطياف الشعب السوري، وهذا ما برز في المفاوضات التي جرت مع الوحدات الكردية لضمان خروج آمن لهم من مناطق شمالي حلب.

وطورت هيئة تحرير الشام من خطابها السياسي الخارجي، خصوصاً تجاه العراق وسوريا وايران، وحتى الصين ولبنان. وأعلنت في بيانات منفصلة صادرة عن “ادارة الشؤون السياسية” بيانات تؤكد حمايتها للقنصليات الأجنبية في حلب، ورعايا الدول الأجنبية ومصالحها. وتهدف الهيئة من هذا الخطاب إلى تحييد الدول الإقليمية للتدخل في الساحة السورية.

وبالنسبة إلى “أبو محمد الجولاني”، فقد ابتعد في سلوكه السياسي عن مسارات “الاسلام الجهادي”، واتجه بشكل واضح إلى “الاسلام السياسي”، والذي ينتهج طريقاً أقل عنفاً للوصول إلى الحكم، وابتكر حلاً وسطيا يمكن أن يطلق عليه “الجهاد السياسي”، وهذا ما تجلى سابقاً باعطاء الضمانات للدول الغربية بعدم مهاجمة أراضيها انطلاقاً من سوريا، واليوم، يحاول اعطاء الضمانات نفسها إلى العراق، عبر رسالة وجهها إلى رئيس الحكومة العراقية، كما وجهت رسائل مشابهة إلى باقي الطوائف الدينية في سوريا.
وكان الجولاني واضحاً في التعبير عن مشروعه السياسي في مقابلة مع شبكة “سي ان ان” الأمريكية قبل أيام، انطلاقاً من تجربته في إدارة منطقة ادلب. وتحدث الجولاني عن براغماتية واضحة في علاقاته السياسية والعسكرية، وعن تكيف مع الظروف ومع الوقائع المختلفة.

أصدرت القيادة العامة لـ “هيئة تحرير الشام” الخميس الماضي، أول بيان رسمي يحمل اسم “أحمد الشرع”، كقائد عام للجماعة، بعد دخول المسلحين إلى مدينة حماة، واعلان الجيش السوري اعادة الانتشار خارجها.
هو أحمد حسين الشرع، ولد عام (1982) في مدينة الرياض السعودية، وينحدر من بلدة “فيق” في الجولان السوري المحتل، وينتمي إلى بيئة فلاحية محافظة. انتقل إلى دمشق بعد عودة عائلته من السعودية، واستقر في منطقة “المزة” عام (1989)، بالتحديد في “فيلات شرقية”، في منزل حصل عليه الأب بالعضوية في جمعية سكنية للاقتصاديين.

درس الشرع الابتدائية في مدرسة “معاذ بن جبل”، ثم تابع دراسته الثانوية في ثانوية “عمر بن عبد العزيز”. ثم عاد وانتسب إلى كلية الاعلام، وليست هناك معلومات اضافية حول دراسته الجامعية.

والده حسين الشرع، وهو خبير اقتصادي وُلد في قرية جيبين التابعة لمدينة فيق في الجولان عام 1946، وتأثر بالقومية العربية وأفكار الزعيم المصري جمال عبد الناصر. درس الاقتصاد في جامعة بغداد خلال الستينيات، وهي فترة شهدت تصاعدًا في الفكر القومي العربي. عاد إلى سوريا في السبعينيات ليعمل موظفًا حكوميًا في وزارة النفط، ثم انتقل إلى السعودية للعمل في صناعة النفط. عاد إلى سوريا في أواخر الثمانينيات وعمل مستشارًا في وزارة النفط. افتتح مكتب وساطة عقارية لتأمين رزق الأسرة، التي أصبحت تدير متجرًا تجاريًا صغيرًا.

تأثر الجولاني بانتفاضة الأقصى عام (2000)، وأثرت أحداث (11 أيلول) على أفكاره، حيث أطلق لحيته وواضب على الصلاة في مسجد “الشافعي”، وبدأ بحضور خطب وعظية وحلقات نقاش سرية في ضواحي دمشق مثل حجيرة وسبينة ودروشا. وتأثر بشدة بأسامة بن لادن، وبدأ في تقليد مظهره وأسلوبه الخطابي.
الهب الغزو الأمريكي للعراق حماسة الجولاني كما غيره من الشباب في سوريا والمنطقة، حيث انضم إلى “سرايا المجاهدين” عام (2003)، وبايع “أبو مصعب الزرقاوي”. اعتقل الجولاني في العراق، وتنقل في سجون (أبو غريب وبوكا وكروبر والتاجي) بين عامي (2004- 2010)، حيث أقام خلل هذه الفترة علاقات مع قادة الجماعات المسلحة في العراق، الذين أصبحوا لاحقاً قياديين في تنظيم داعش.

غير أن معلومات أخرى تفيد بأن الجولاني اعتقل عام (2005) في سوريا، لفترة قصيرة قبل أن يتم اطلاق سراحه.

عاد الجولاني إلى سوريا مع اندلاع الأحداث عام (2011 – 2012)، موفداً من قبل زعيم تنظيم داعش ابراهيم عواد البدري “أبو بكر البغدادي”. وبعد اعلان البغدادي عن اقامة “الدولة الاسلامية في العراق والشام”، اندلع الخلاف بين الجانبين، إلى أن انفصل الجولاني عن البغدادي أولاً ثم عن تنظيم القاعدة ثانياً. ويعرف عن الجولاني مرونته السياسية في التعاطي مع الفصائل المسلحة مختلفة المآرب والأهداف في ادلب، وفي التعامل مع تركيا. وكان الجولاني في بداية تأسيس “جبهة النصرة”، ينظر إلى تركيا كنظام “كافر” جزء من حلف الناتو، واليوم يعتبرها حليفة لجماعته.

المصدر: المنار