كيف سيكون شكل الفنّ ما بعد الإبادة؟
الإشراق | متابعة.
أكّد الفنان الفلسطيني سليمان منصور أن الفنّ طالما تفاعل مع الظروف السياسية المحيطة وتغيّر بتغيّرها، ففلسفة الانتفاضة الثانية أثرت في مفهوم استقلالية الفنان والاكتفاء الشعبي، ما أجبر الفنان الفلسطيني على استخدام ما توفّر من المواد الخام المحلية كالطين والحناء كي لا يضطر إلى شراء منتجاته من المستوطنات.
أما اليوم، فيؤكد منصور، أنّ مطالب التجديد في الفن الفلسطيني بدأت مع بداية العام الجاري وهذه المطالب كانت من بعض الفنانين والمثقفين، مضيفاً: "هذه المذبحة غيّرت العالم فكيف لها ألا تغير الفنّ؟ هذه الحرب لم تعطنا أدوات لتغيير الفن كما فعلت الانتفاضة الأولى. حتّى الآن، تميزت الألوان التي تعكس هذه المذبحة باللون السكني بدرجاته وغلب هذا اللون على أعمال الفنانين. في غزة لم يستطع الفنانون هناك أن يشكلوا رافعة لتغيير الفن الفلسطيني لأن غالبيتهم أو كلهم فقدوا مراسمهم وأدواتهم، وما يأتينا من هناك هو بالأبيض والأسود أو بقلم الرصاص أو الحبر على ورق".
ويشرح منصور "بعض الفنانين، وأنا منهم، توقفنا تقريباً عن العمل لأن كل ما نفعله لا يتوازى مع هول المذبحة أو مع ما نطمح إليه. هناك بالطبع محاولات لكنها أوصلتني إلى قناعة أن لا الأسلوب ولا الفلسفة التي كنا نسير عليها تعكس وضعنا الحالي، أنا الآن أعتقد أن التغيير قادم لا محالة، لكن يجب أن يأتي هذا التغيير من خلال العمل وبالتدريج، إذ لا يمكن أن تتغير الحركة الفنية بكل المسؤوليات الثقافية الواقعة عليها بكبسة زر، بل من خلال العمل وبعد أن تكون الأحداث قد انتهت وتم استيعاب نتائجها ووقائعها من قبل المجتمع والفنانين. ذلك أن كثيراً من الفنون التي تعكس الحروب الكبيرة تم التعبير عنها فنياً بعد سنوات عدة من انتهائها. على كل حال، هنالك بعض الخطوط العريضة التي لاحظها أو تنسمها العديد من الفنانين وهي عدم التكلف والبساطة (عدم استعراض العضلات)، والتقليل من استخدام الألوان البراقة، وضرورة وجود فكرة. أمّا إذا أصر الفنان على الاستمرار بأسلوبه وطريقته، فعليه أو عليها إحداث تغيير على ما كان يقوم أو تقوم به حتى ولو بنسبة 10%".