أهمية التعداد السكاني في العراق

الإشراق | متابعة.

التعداد السكاني من أهم الوسائل التي تعتمدها الدول لفهم الواقع الديمغرافي وتخطيط سياساتها المستقبلية بفاعلية ودقة. في العراق، تبرز أهمية التعداد السكاني بشكل خاص نظرًا للتحديات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تواجه البلد، مما يجعل من الضروري الحصول على بيانات دقيقة وشاملة تساهم في رسم سياسات تدعم الاستقرار والتنمية المستدامة.

 

يُعد التعداد السكاني أداة أساسية للتعرف على عدد السكان وتوزيعهم الجغرافي والعمراني والديمغرافي، فضلًا عن معرفة مستوى التعليم ونسبة البطالة ومعدلات الخصوبة والوفيات، وهذه المعطيات لا يمكن الحصول عليها بصورة دقيقة إلا من خلال إجراء تعداد سكاني شامل وحديث.

أحد أهم أسباب الحاجة الملحة للتعداد السكاني في العراق يكمن في توفير قاعدة بيانات دقيقة يعتمد عليها صناع القرار في جميع المجالات. على سبيل المثال، يمثل التعداد أساسًا للتخطيط العمراني، حيث يساعد على توجيه الاستثمارات في مشاريع البنية التحتية بما يلبي احتياجات السكان المتزايدة في المناطق الحضرية والريفية. بالإضافة إلى ذلك، يسهم التعداد في تحديد احتياجات قطاع التعليم من مدارس وجامعات، وقطاع الصحة من مستشفيات ومراكز صحية، وغيرها من الخدمات الأساسية التي يجب أن تُقدم للمواطنين بشكل عادل وفعال.

التعداد السكاني في العراق يمكن أن يلعب دورًا مهمًا في معالجة التحديات المتعلقة بالبطالة والفقر. من خلال البيانات المستخلصة من التعداد، تستطيع الحكومة التعرف على المناطق التي تعاني من مستويات عالية من البطالة والفقر، وتوجيه الموارد بشكل مباشر لتحفيز التنمية وتوفير فرص العمل في تلك المناطق. علاوة على ذلك، يساعد التعداد في تصميم برامج الدعم الاجتماعي التي تستهدف الفئات الأكثر حاجة، حيث يمكن من خلاله معرفة عدد الأسر ذات الدخل المحدود أو الذين يحتاجون إلى مساعدات مالية أو خدمية.

لا يقتصر دور التعداد السكاني في العراق على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، بل يشمل أيضًا البعد السياسي، إذ تُعتبر بيانات التعداد من العوامل المؤثرة في توزيع المقاعد البرلمانية وفقًا للكثافة السكانية لكل محافظة، ما يضمن تمثيلًا عادلًا وشاملًا لجميع شرائح المجتمع العراقي. كما أن التعداد السكاني يمكّن الدولة من تحديد هوية التركيبة السكانية ومدى التنوع الذي يعد من سمات المجتمع العراقي وهذا يسهم في تعزيز السلم الاجتماعي وتقليل التوترات الناجمة عن قضايا التوزيع السكاني والموارد يضاف الى ذلك فأن التعداد يمكن ان يحدد طبيعة قانون الانتخابات الذي يجب ان يكون منسجما مع مخرجات التعداد السكاني

من ناحية أخرى، يُعد التعداد السكاني في العراق أحد الركائز التي تسهم في تحقيق التنمية المستدامة. فالتعداد يزود صناع القرار بمؤشرات حيوية عن البيئة وتغير المناخ، حيث يمكن من خلاله معرفة توزيع السكان في المناطق الزراعية والصناعية، ومراقبة تأثير النشاطات البشرية على الموارد الطبيعية، كالمياه والأراضي الزراعية. وبناءً على تلك المعلومات، يمكن تطوير سياسات تهدف إلى حماية البيئة والاستفادة من الموارد بشكل مستدام، بما يضمن مستقبلًا أفضل للأجيال القادمة.

أخيرًا، يأتي التعداد السكاني في العراق كأداة لتعزيز الشفافية والإحصاء الرسمي، حيث يتيح للدولة والمجتمع الدولي الإطلاع على بيانات شاملة حول سكان العراق، مما يعزز من ثقة المواطنين بالمؤسسات الحكومية ويزيد من مستوى الشفافية في تخصيص الميزانيات العامة والمساعدات الخارجية.

 

الحقوقي علي عباس القطبي