فايز السرساوي: غزة ترسم في عمّان

الإشراق | متابعة.

فايز سرساوي لم يعش حرب الإبادة فقط، بل تقمص أرواح الشهداء والجرحى والنازفين والنازحين والثكالى وفاقدي أطرافهم وأعضاءهم وأسرهم، ولم يرسم كفنان وجد موضوعاً نافعاً أو صيداً ثميناً، بل كشهيد أو جريح.

مطولاً، وقفوا أمام عشرات اللوحات التشكيلية، محدقين في شخوصها والرسائل الكامنة في تفاصيلها. هكذا بدا المشهد في معرض "غزة ترسم"، للتشكيلي الفلسطيني الغزي، فايز السرساوي، الذي انطلق في عمّان، مساء أمس السبت، لعرض مجموعة من اللوحات التي تجسد يوميات العدوان على قطاع غزة.

زوار المعرض الذين حضروا بالعشرات في يوم الافتتاح، كان ملفتاً بالنسبة لهم دقة نقل واقع حياة الغزيين اليومية. ليس في المعاناة والحزن على الشهداء وخسارة الاستقرار والمنزل فحسب، بل كذلك قدرتها على رواية قصص النزوح "بحلوه ومره"، كما تقول، نسرين ملحم، إحدى زائرات المعرض.  

وأضافت ملحم أن الرسومات، رغم بساطتها، إلا أنها نجحت في نقلها من المعرض إلى قطاع غزة، وتلمست من خلال تعرجات الخطوط معاناة الشعب الفلسطيني هناك وكأنها معهم، معتبرة أن الرسام نجح إلى حد بعيد في تجسيد صورة كانت غائبة في كثير من الأحيان عن عدسات الكاميرات، والتي باتت الوسيلة الوحيدة لمعرفة ما يجري في غزة.

ملحم وغيرها من زوار المعرض، وجدوا أن مثل هذه المعارض الفنية المرسومة بأيدي وخيالات أصحاب الحرب والأرض والمقاومة والصمود، لها أثر كبير في نفوس من لا يمتلكون سوى وجه واحد للحقيقة، وتظهر لهم صورة لم تكن في مرئية بالنسبة لهم، من واقع مليوني غزي بلا ماء وطعام وكهرباء وتعليم ومسكن منذ أكثر من عام.

الرسم خارج إطار المرسم والبيت

أكثر من 100 لوحة تشكيلية تعرض في قاعة "غاليري جبل اللويبدة"، جميعها رسمت في مدينة رفح جنوب غزة خلال الحرب المتواصلة على القطاع، ونقلت حياة الغزيين بعيداً من الصور الجمالية النمطية التي يوظفها الفنان عندما يشرع في رسم لوحة ما، كما يصف الفنان الفلسطيني، فايز السرساوي.

السرساوي قال: إنه أخذ بعين الاعتبار، عند رسم لوحاته، أن الرسم شكل من أشكال تدوين المذكرات، وتوثيق مهم في حياة الشعوب، خاصة خلال أزماته ونكباته وأفراحه، لتكون شاهداً على ما جرى من دون تجميل أو تشويه للواقع، "فهذا ما أحاول تلَمُسه والتعبير عن بعض جوانبه ومشاعري عبر الرسومات والإسكتشات والتخطيطات السريعة والعفوية التي أُرفقها أحياناً مع بعض النصوص، وأنجزها بعيداً عن مناخ المرسم والبيت، خالية من الطروحات الجمالية، سوى ما تعكسه وتتضمنه من تفريغ لشحنة الغضب والإشمئزاز من مآلات الحال".