"رسائل".. والدة زاهي وهبي تختصر أمهات المقاومة

الإشراق | متابعة.

نكهة خاصة للنص المسرحي حين يصوغه الشاعر زاهي وهبي، مقاوم يروي مشاهد حية واقعية عاشها وعايشها في جنوب الوطن والأمة والقضية، بطلتها والدته ومعها أخوات أخريات عشن النهج والمواجهة وكن خير نموذج للصمود والوفاء.

من ضمن نشاط مسرح المدينة المواكب للتطورات الأمنية الواسعة التي تشهد أروع أساطير الردع المقاوم لصلف وغطرسة وإجرام "إسرائيل"، تمت برمجة عدة ليال تضامنية مع المقاومين في ساحات المواجهة حملت عنوان "وطني"، بينها عرض "رسائل"، كتابة الشاعر الزميل زاهي وهبي، تولت إخراجه مع السينوغرافيا الخاصة به: لينا عسيران – المقيمة في باريس -والتي حضرت خصيصاً لمواكبة عرض المسرحية التي أنتجها مسرح المدينة مع متحف نابو، وجاءت النتيجة عملاً راقياً معبراً عن الواقع المقاوم ضمن مناخ من السرد العاطفي مع عزيمة قوية تشبه قلب وقبضة المقاوم على جبهات القتال.

"رسائل".. رغم أنها هي نفسها والدة الشاعر، إلاّ أنها كانت فعلاً أشبه بالبريد المقاوم الذي يحمل مضامين كثيرة إلى عناوين لا تستثني أحداً ولسان حالها نبض واحد وقلب واحد وعنوان واحد، "فعل المقاومة وحضورها في كل تفاصيل ومتفرعات يومياتنا".

وجاء إختيار الممثلة اليافاوية ريان الهبطة، التي تقف وحدها على الخشبة في محله تماماً، مع شبابها الواضح وسمرتها وتعابير وجهها وعفوية لسانها كانت بمثابة جسر العبور الآمن إلى الجنوب – القضية، بحيث أجادت وأقنعت وترجمت آفاق النص بثقة وصدق.

من المؤثرات السمعية الموفقة جداً المادة الموسيقية التي رافقتها ريّان غناء للفنان علي صباح – نجل الممثل الراحل حسام صباح – حيث عزف على العود والغيتار وضبط الإيقاع على الرق بأسلو دقيق مؤثر وشفاف مع إحساس يصل إلى المتلقي ببساطة ووضوح، وهو ظهر مع ريان لوحدهما على الخشبة، وفي جانب ثابت منها، وهي تملأ المساحة بالكامل حركة، وطبقات صوت متنوعة وتبديل بسيط في ملابسها.

العمل يتسم بمستوى متقدم من اللغة المسرحية، مع مخاطبة دافئة للوجدان بعيداً عن الإنفعال، بل ثبات في الأداء، وتدفق في المعاني من المخزون الشاعري للنص الذي يحفل بمادة مختلفة عن المألوف سواء بالنسبة لما يلائم الموضوع، ويرسم بالتالي نهجاً أليفاً وجاذباً عبر لغة نادراً ما عرفناها في النصوص المتداولة.

المخرجة لينا عسيران، اعتمدت البساطة الشديدة في الديكور، وأحسنت في إسباغ روح الطيبة والعزة على بطلتها ريان التي شكلت مجموعة تناقضات إيجابية هضمتها معاً وأفرزت حضوراً موفقاً إستحقت معه التصفيق  الحار.

المسرحية قدمت في عرض واحد شهد كثافة لافتة في الحضور، بعدما ألغي العرض الآخر لأنه تزامن مع أول يومين من التصعيد الإسرائيلي في الإعتداءات الواسعة ضد لبنان.