الاحتلال يخشى "البوصلة الأردنية".. فماذا نعرف عن معبر "الكرامة"؟

الإشراق | متابعة.

بالطلقات الثلاث أعاد "النشميّ" الأردني ماهر الجازي تصحيح المسار وأكد أن وجهة البوصلة الأردنية هي مع فلسطين ومظلومية شعبها. فابن الـ 39 عاماً وجّه التحية إلى منفذي عملية الخليل المزدوجة منذ أيام.


النار واحدة والعزيمة المتقدة واحدة، هو من محافظة "معان" الأردنية وينتمي لقبيلة "الحويطات"، إذاً فابن الأرض الأردنية، "الفدائي" بعزم يرقى إلى عزم مقاتلي "معركة الكرامة" التي شهدت تلاحم الجيش الأردني بسواعد المقاتلين الفلسطينيين فهزموا جيش الاحتلال الإسرائيلي عام 1968.

"نبض الضفة".. آتون النار
لطالما كانت الضفة رافعة العمل المقاوم الذي يقلق المحتل وجيشه الذي يحسب للداخل الفلسطيني 1000 حساب، المعلومات تتحدث عن رصد ألوية وفرق عسكرية تحسباً لأي تحرك فلسطيني، أو لانتفاضة عارمة تجعل الضفة الغربية ومدنها وبلداتها "آتون نار" في وجوههم.

إسرائيلياً، وقعت العملية على قادة الاحتلال وقوع الصاعقة ، دفعت أعضاء في الكنيست إلى الحديث عن "تراكم الهجمات كحبات الرمل وحيث لم يعد هناك شعور بالأمان.

رعب إسرائيلي من "خسارة" الأغوار
يُطلق على الأغوار الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة تعبير "سلة غذاء فلسطين"، ويظهر هذا الوصف الأهمية الاستراتيجية لهذا الشريط الشاسع، ويعيش نحو 10 آلاف من أصل 400 ألف من مستوطني الضفة الغربية المحتلة، ضمن غور الأردن، بحسب أرقام الحكومة الإسرائيلية ومنظمات غير حكومية، كما يعيش هناك نحو 65 ألف فلسطيني، بما في ذلك سكان أريحا.

وبحسب بيانات مركز المعلومات الوطني الفلسطيني، فإن الأغوار تمتد من بيسان حتى صفد شمالاً، ومن عين جدي حتى النقب جنوباً، ومن منتصف نهر الأردن حتى السفوح الشرقية للضفة الغربية غرباً. وتبلغ مساحة الأغوار الفلسطينية في المنطقة التابعة للضفة الغربية التي احتلتها "إسرائيل" عام 1967، نحو 2400 كيلومتر مربع، وتعادل نحو 30% من إجمالي مساحة الضفة. 

الضفة.. واستكمال فعالية جبهات الإسناد
وبحسب أرقام الاتحاد الأوروبي، فإنّ غالبية عمليات الهدم التي قامت بها "إسرائيل" منذ 2009 كانت في غور الأردن (هدم 2,403 مبان لفلسطينيين).

وفي المقابل، يعيش هناك نحو 11 ألف مستوطن موزعين على 31 مستوطنة تعرف بـ"المستوطنات الزراعية" لتركيزها على أعمال الزراعة، والتهمت هذه المستوطنات نحو 27 ألف دونم من أراضي الأغوار. 

وتنظر الحكومات الإسرائيلية إلى السيطرة على غور الأردن باعتباره رصيداً استراتيجياً لـ "إسرائيل"، إذ إنه يشكّل حاجزاً أمنياً أمام الحدود الشرقية، ويسمح للقوات الإسرائيلية بتطويق السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية.

هنا دعونا نستذكر أن ما يعاينه الاحتلال من تهديد للمصانع ومحطات الوقود والمناطق السياحية في جبهة الشمال مع لبنان، يتماهى مع التخوف من فقدان "السلة الزراعية" في الضفة.

ولا يجب أن ننسى تعطيل المرافىء مثل مرفأ "إيلات" بفضل جبهة الإسناد اليمنية، والتهديد بتعطيل حيفا بسبب الصواريخ العراقية اللبنانية الخ. 

الفصائل: عدوان الاحتلال لا يمكن أن يبقى من دون رد 
الفصائل الفلسطينية بدورها،  تعرف أن للضفة الغربية دوراً يوازي ما تبذله وتقدمه غزة، منذ ما قبل عملية "طوفان الأقصى" وبعدها.

فهي على يقين أن عدوان الاحتلال لا يمكن أن يبقى من دون رد وأن كثرة الاجرام والقتل لن تردع اصحاب الحق، وأن كل بلدة فلسطينية هي منطلق لعمل فدائي وأن كل فلسطيني هو مشروع لمقاوم لن يتردد حين يتوفر السلاح من الالتحام مع الاحتلال في مواجهات تكررت مؤخراً، وأهميتها أن المنفدين على دراية كاملة بأن عمليتهم هذه ستنتهي على الأرجح بالشهادة ومع ذلك يمضون في نضالهم.

بوصلة الشعب الأردني
على المقلب الأردني، يعيش الشارع غلياناً شعبياً، يتمثّل بالتحركات أمام سفارة الاحتلال في عمّان، والمقاطعة الناجعة للبضائع، نصرةً للأهل في غزة وفلسطين، وإذا كانت غزة بسبب جغرافيتها ووجود الاحتلال،  بعيدةً عن الأردن، فإن للضفة شأناً آخر، فالأردن وفلسطين توأمان، الشعب واحد، وأريحا لا تبعد سوى 5 كلم عن جسر الملك حسين (معبر الكرامة).

والمملكة الأردنية لطالما كانت "الوصيّ على الأماكن المقدسة في مدينة القدس، ففي عام 1950، صدر إعلان مشترك بين الأردن وفلسطين عُرف في ذلك الوقت باسم "الوحدة بين الضّفتين"، حافظت من خلاله المملكة على وصايتها المُشار إليها آنفاً، والتي استمرت على حالها بعدما تم استثناؤها من ذلك القرار، رغم ما سُمي بفك الارتباط في العام 1988.

وتتمثّل الوصاية الأردنية على المقدسات في مدينة القدس بالاهتمام بها وحمايتها والحفاظ عليها والإِنفاق على مساجدها والتكفّل بإعمارها كلما استدعت الحاجة ذلك، إذ تُشرف وزارة الأوقاف الأردنية على نحو 100 مسجد، ويتبع لها أكثر من 800 موظف في المدينة المقدسة.

إذا فللأردن باع طويل في مسار القضية الفلسطينية، تاريخياً، وللأردنيين اندماج لا مثيل له مع أخوانهم الفلسطينيين.

حتى وإن غصنا في الهواجس، فلا يمكن لأبناء الأردن أن ينسوا أن بنيامين نتنياهو وضع شعار "ضم الأغوار وشمال البحر الميت" دعاية  انتخابية له منذ أعوام، كما يضع وزير مالية الاحتلال بتسلئيل سموتريتش خريطة الأردن  كجزء من الخريطة التي يطمح لها.

اليوم، تأتي عملية الشهيد الجازي على معبر "الكرامة"، لتذكّر الأردنيين بمعركة "الكرامة" الأردنية الموجودة قرب الحدود الفلسطينية شرقي نهر الأردن، قريبا من جسر الملك حسين، وهو نقطة عبور فوق النهر الفاصل بين الأردن وفلسطين.

ماذا نعرف عن معبر "الكرامة"؟
جسر "حسين" أو معبر "الكرامة" أو جسر "ألنبي" حسب تسمية الاحتلال، هو  جسر يربط الضفة الغربية بالأردن فوق نهر الأردن ويبعد عن العاصمة الأردنية، عمّان 60 كم وعن أريحا 5 كم، على ارتفاع 273 متر تحت مستوى سطح البحر، ويستخدم كمعبر حدودي بين الأردن والضفة الغربية.

- بنيّ الجسر الأصلي في 1885 من قبل الدولة العثمانية بإشراف متصرفية القدس الشريف وكان مصنوعاً من الخشب، وتعرض عام 1897 لأضرار بالغة نتيجة فيضان النهر.

وخلال الحرب العالمية الأولى تعرض للتدمير من جديد، وأعاد الاحتلال البريطاني بناءه بعد السيطرة على المنطقة سنة 1918، وأطلق عليه اسم ألنبي تيّمنا باسم الجنرال إدموند ألنبي قائد الجيش البريطاني الذي احتل فلسطين. سقط الجسر من جديد سنة 1927  بسبب زلزال نابلس 1927 وأعيد تأهيله.

- لعب الجسر دوراً مهماً في نقل السلاح والمؤن إلى فلسطين، قبل تدميره في 16  حزيران/يونيو 1946 بعملية ليل الجسور بواسطة عصابة بلماح بقيادة حاييم بارليف، وتم ترميمه من جديد من قِبل البريطانيين.

- شهد الجسر الخشبي القديم نزوح اللاجئين الفلسطينيين من قراهم ومدنهم خلال النكسة إلى الضفة الشرقية لنهر الأردن  عام 1948.

- تم تدميره من جديد خلال عدوان 1967 لكن أعيد بنائه سنة 1968 من الحديد بشكل مؤقت بنظام جسر جملوني (يسنده هياكل تُسمى جمالونات).

- في الوقت الحالي ما يزال الجانب الإسرائيلي يسميه جسر "النبي"، أمّا الجانب الأردني فيسميه "جسر الملك الحسين" أو "الكرامة".