اصدار شعري جديد..«من النهر إلى البحر»
الاشراق | متابعة.
في هذا الديوان يرسم الشاعر مشهداً طويلاً، حتى يمكن أن يكون بلا نهاية، لما يحدث على الأرض وتحت السماء وفي الروح أيضاً،
ذلك أن المجزرة الرهيبة التي تحدث أمام عينيه وهو، كما يقول، «جالس أمام التلفزيون أشاهد الإبادة» كما عنون إحدى قصائده، تضع الأفكار كلها والخيال كله والبلاغة والشعر والفن أمام امتحان الخسارة والفقدان من جانب، ومن جانب آخر تجعل العالم (الفلسطيني، هنا، خاصة) عبارة عن مشهد من الأشلاء والدماء والأطفال تحت الأنقاض لا يمكن للغة ولا لفن تجاوزه.
الكثير من الحزن والقهر يخيم على مفرداته في ديوانه هذا. وفي مقطع يختزل الكلام كله من شدة ما يدل على حجم الخسارة وعمقها، يقول:
لم يعد مهماً أن يحبّنا أحدٌ
في هذا العالم
«يبدو، على أي حال، أنه كان حباً من طرف واحد»
يقول شيوخنا المتعبون من فكرة الأرض
ويقف شاعرنا في الأفق البعيد
ويهتف: «أنقذونا من هذا الحب القاسي»
ثم يهمس معتذراً عن تفاؤل صبياني عابر:
ليس على هذه الأرض
ما يستحق الحياة.
وذلك في إشارة، غير خافية، إلى الشاعر محمود درويش لما قال: «على هذه الأرض ما يستحق الحياة».
إلا أن ذلك كله لم يجعله يتخلى عن مطالبته بأنه يريد هذه الأرض وما فيها وما عليها كلها: من النهر إلى البحر، وقد عبر عنها صراحة بنص يحمل العنوان ذاته:
كل شارع، كل بيت، كل نافذة، كل شرفة، كل جدار…
كل عشب، كل دمعة…
كل «يمّة» كل «يابا»… إلى آخر ما يخطر على بال من كلمات وتعابير وأشياء وغيرها، وهكذا لم يبق شيء، ولا شيء، إلا يريده كله…
بتعبيرٍ رائقٍ ولغةٍ صافيةٍ وإلحاحٍ يواصل سامر أبو هواش في كتابه هذا، نحو اكتشاف مزيد من العوالم التي تخصه بصفة شخصية مثلما تخص القارئ في آن معاً، بالأحرى تمكن أبو هواش دائماً من جعل الأشياء «تخصه وحده» -إن صحت استفادتنا من تعبير فرجينيا وولف- لما في أسلوبه من فردانية وخصوصية تحصّل عليها، غلاباً ومكابدةً، عبر ممارسة ثقافية لم تهدأ. يدلنا على ذلك شعره عامة، لكن ديوانه الأخير هذا ينحاز، بالمستوى نفسه، للبلاد، وللأهل، كما للشعر. ويشكل قيمة مضافة إلى تجربة سامر أبو هواش الشعرية.
أخيراً، صدر الكتاب في 96 صفحة من القطع الوسط. ضمن سلسلة «براءات».