09/03/2018
تقاریر 735 قراءة
«جلوبال ريسيرش»: نزاعات الشرق الأوسط الحالية مخطط صهيوأميركي
صورة من الارشيف
دأبت سياسات واشنطن طوال الفترات الماضية على تجاهل مواثيق الأمم المتحدة والقوانين والاتفاقيات الدولية، واليوم تتجاهلها أكثر من أي وقت مضى فيما يتعلق بـ«صفقة القرن» تحت زعم إتمام السلام في الشرق الأوسط بشكل نهائي، ووفقا لموقع «جلوبال ريسيرش» فإن ما يحدث من نزاعات وصراعات في الشرق الأوسط حاليا، يأتي ضمن مخطط أميركي-صهيوني من أجل تنفيذ مبادرة الشرق الأوسط الكبير، ودولة إسرائيل الكبرى، خاصة أن المشروعين يتداخلان مع بعضهما البعض إلى حدٍ كبير.
مبادرة الشرق الأوسط الكبير
أثار الغزو الأميركي للعراق عام 2003، موجة كبيرة ومتنامية من الاعتراضات والاشمئزاز في جميع أنحاء العالم، لا سيما الشرق الأوسط، وفي سياق حربها على الإرهاب كان يُنظر إلى الولايات المتحدة دائما على أنها غير نزيهة وغير قانونية، خاصة أن العراق كان من الواضح أنه لم يكن جزءا من الحدث الإرهابي الذي وقع في 11 سبتمبر، ولم يتم الكشف عن زيف ادعاءات أسلحة الدمار الشامل العراقية السرية إلا بعد الغزو.
وفي ظل هذه الظروف الكاشفة، كان المبرر الوحيد «غير القانوني» الذي فسرت به إدارة بوش غزوها، هو إسقاط الديكتاتور صدام حسين والذي كان حليفا سابقا للولايات لمتحدة، وادعت أنها ستجلب الديمقراطية للشعب العراقي، فعلى هذا الأساس اختارت الولايات المتحدة المضي قدمًا في خطة تقسيم جديدة، مستخدمة غطاء زائف لـ«الديمقراطية وحقوق الإنسان».
وهدفت مبادرة «الشرق الأوسط الكبير» إلى الهيمنة الأميركية العالمية تحت شعار «تعزيز الديمقراطية»، وغطت مساحة واسعة من الأرض، تمتد إلى المغرب في شمال إفريقيا ، وصولا إلى الحدود الغربية للصين، والبلدان المستقلة حديثا في آسيا الوسطى والقوقاز إلى الشمال، المتاخمة للاتحاد الروسي.
ولم يكن من قبيل المصادفة أن جميع البلدان التي تغطيها خطة الشرق الأوسط الكبير، كانت مأهولة إلى حد كبير بسكان مسلمين، مع وجود درجات متفاوتة من المعارضة المحتملة للهيمنة الأميركية.
تم اختيار عنوان «الشرق الأوسط الكبير» كاسم أقل استفزازا وأكثر جاذبية لمشروع هدفه تعزيز وتوسيع الهيمنة الأميركية على الدول ذات الأغلبية المسلمة في الشرق الأوسط وما وراءها، تظهر هذه الأجندة بوضوح في الاستراتيجية الأميركية الكبرى، كما حددها الأدميرال سيبروفسكي عام 2001، ونشرها مساعده توماس بارنيت في عام 2004 ، «يجب تدمير كل الشرق الأوسط الكبير باستثناء إسرائيل والأردن ولبنان».
ويقول الكاتب والمؤرخ السابق في الجيش الأميركي «أندرو باسيفيتش»، في كتابه «حرب أميركا من أجل الشرق الأوسط الكبير»، إن «هذه المنطقة هي مسرح لسلسلة من النزاعات التي يعود تاريخها إلى عام 1980، والتي بشرت ببدء الحرب الإيرانية العراقية».
ورغم عدم وجود إشارات واضحة على ارتباط الولايات المتحدة بالحروب والصراعات الدائرة في الشرق الأوسط حاليا، إلا أن خطتها الكبيرة فيما يتعلق بالمنطقة، كانت ذكية وغامضة إلى الحد الذي يجعلها غير مرتبطة بها اسمًا، لكن بالنظر إلى السياق التاريخي، نجد أنها دعمت في البداية صدام حسين في حربه ضد إيران، حتى لما كان يستخدم أسلحة كيميائية وغير مشروعة.
وقال البروفسور «أندرو باسيفيتش»: بدأت أميركا منذ ذلك الحين تشارك في موازنة الصراعات بين الدول المترابطة ثقافيا؛ لتعزيز مصالحها في المنطقة، مضيفا أنه من الواضح ان الغرض من مشاركتها بعيد كل البعد عن حل أي صراعات أو خلافات او تعزيز الديمقراطية، بل موازنة واستغلال خطوط الصدع القائمة والصراعات، لتعزيز هيمنتها.
رؤية جورج دبليو بوش
في رؤية «جورج دبليو بوش»، كانت مبادرة الشرق الأوسط الكبير، «استراتيجية تهدف إلى تصدير النموذج الديمقراطي الأميركي للعالم العربي الإسلامي وإعادة تعريف الحدود والأمم بما يتماشى مع الطموحات الجيوسياسية الأميركية»، وخاصة الدول التي تخرج بشكل متزايد من سيطرتها، مثل السعودية والعراق وسوريا وأفغانستان.
وكالمعتاد، حدث ذلك على حساب أمن وازدهار تلك الدول، وبما أن «النموذج الديمقراطي الأميركي» يجب أن ينفذ عسكريا، فإنه يؤدي حتما إلى أعمال عنف وتدمير واسعة النطاق؛ ثانيا، إذا نجحت المبادرة، فسوف تظهر على أنقاض أصول الأمم الأكثر قيمة، وهي السيادة الوطنية والهوية والاستقلال والتماسك والوحدة الوطني والإقليمي.
وكنتيجة لهذه المبادرة «الديمقراطية»، غزت إسرائيل لبنان في عام 2006، بهدف سحق المقاومة الإسلامية بقيادة حزب الله، وزعزة استقرار المنطقة، لكن مع الهزيمة المحرجة للجيش الإسرائيلي بعد هزائمه في عامي 1985 و2000 من قبل حزب الله، تحول الهدف إلى ليبيا ثم سوريا.
بعد فترة وجيزة من هجوم الناتو على ليبيا، والإطاحة بالقذافي 2011، دخلت الحكومة الديمقراطية في سوريا جدول الأعمال «الأميركي الإسرائيلي»؛ لتغيير النظام وزعزعة الاستقرار والتفكك الجغرافي بدعم من حلفاء حلف شمال الأطلسي وحلفاء الشرق الأوسط، شمل التجنيد والتمويل والتسليح والتدريب لجيوش المتطرفين الجهاديين والمرتزقة من جميع أنحاء العالم، ومن ثم تحولت سوريا لحمام دم، ولم يكن مصير العراق أفضل من سوريا.
يشار إلى أنه في 2004، أحبطت الولايات المتحدة اتفاق باريس، المتعلق بأنشطة إيران النووية السلمية، التي تم التوصل إليها في المفاوضات مع فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة، وأدى العمل الأميركي إلى تعطيل آفاق التعاون السياسي والاقتصادي البناء بين إيران والمجموعة الثلاثية الأوروبية، وهو ما يؤدي إلى عقد من الاضطرابات والعقوبات المتزايدة ضد إيران وظهور شبح حرب تلوح في المنطقة.
وفي 2015، مع تدمير أفغانستان والعراق وليبيا وسوريا، جاء دور اليمن الذي أصبح هدفا للحصار اللاإنساني والقصف من قبل التحالف السعودي بدعم وتسليح أميركا والمملكة المتحدة.
خطة إسرائيل الكبرى
تتشابه خطة «عوديد ينون» الإسرائيلية لتشكيل إسرائيل الكبرى، إلى حد كبير مع خطة أميركا للشرق الأوسط الكبير، بل متداخلتان بشكل أساسي، على سبيل المثال، فهي تدعو علنا إلى تفتيت الولايات الإقليمية، بما فيها العراق وسوريا ولبنان ومصر والسعودية، نقل عاصمة إسرائيل إلى القدس، وإجبار الفلسطينيين على ترك ما تبقى من وطنهم في الضفة الغربية وقطاع غزة.
تلاشى الإمبراطورية الأميركية
يعد الموقف الحالي للولايات المتحدة والمتعلق بالشرق الأوسط، أكثر سخافة من أي وقت مضى، ففي خضم حملته الرئاسية لعام 2016، اتهم ترامب منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، بأنها «المؤسس المشارك» لداعش، والتي يمكن القول إنها أكثر الجماعات الإرهابية سيئة السمعة في التاريخ الحديث، ورغم ذلك فإن ترامب نفسه يقدم الدعم لداعش.
فهزيمة داعش على يد القوى الإقليمية في سوريا والعراق، هو في الواقع هزيمة للمخطط الصهيوني الأميركي، وبطبيعة الحال لن تسمح إيران وأعضاء آخرون في محور المقاومة بإعادة ظهور داعش كقوة قابلة للحياة مرة أخرى، لكن رغم استئصال داعش، وهو عذر الولايات المتحدة المعلن لتواجدها في سوريا، أعلنت إدارة ترامب عن نيتها البقاء في سوريا إلى أجل غير مسمى، كما هو الحال في الإدارات السابقة في الولايات المتحدة، حيث تواصل إدارة ترامب إهدار المليارات من أموال دافعي الضرائب الأميركيين، وعدد لا يحصى من الأرواح، سعيا لتحقيق حلمها في السيطرة العالمية.
فمغامرات الولايات المتحدة الوحشية والقائمة على أوهام استثنائية وجشع وظلم وخداع وإكراه وعنف، لن تدوم، فالناس في المنطقة أصبحوا أكثر وعيا مما مضى.
الحاجة إلى تعزيز المقاومة
من المحتمل جدا عودة داعش إلى المنطقة مرة أخرى تحت رعاية أميركية، خاصة بعد فشلها في تحقيق هدفها الأول من خلالها، هو تفتيت الدول العربية، لذلك فإن محور المقاومة ضروري ليس فقط للقضاء على الإرهاب الإقليمي، لكن أيضا في ضوء النهج العسكري المهيمن حاليا وعدم القدرة على التنبؤ للحكومة الأميركية، فإن خطر المواجهات العسكرية يزيد، ومن ثم فإن المقاومة ضرورية لإجبار واشنطن ووكلائها على استيعاب التكلفة العالية لمخطاطاتها.
ولكن كي تكون المقاومة فعالة في مواجهة العدو الأميركي الصهيوني، لا بد أنت كون موحدة جيدا، ولا تشمل فقط الولايات والجيوش بل المواطنين أيضا، فالعدو عنيف، والصراع صعب وغير متكافئ.
أهمية الوحدة الوطنية والإقليمية
لذلك فإن الوحدة، سواء داخل المقاومة أو الشعب أمر أساسي، لكن الأمر يتطلب وجود قيادات متعمقة، قادرة على فهم الاحتياجات والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية الملحة للسكان، فالمقاومة تولد دائما من العزم على الدفاع عن والحفاظ على ما يستحق الدفاع عنه والحفاظ عليه، وهي شعور متجذر في الشعور بالانتماء والثقة والعدالة والأمل في المستقبل.
كما يجب أن تكون القيادة قادرة على ابتكار حلول عادلة وفعالة اجتماعيًا لتخفيف معاناة السكان وتحسين مظالمهم الاجتماعية والاقتصادية المشروعة وإعطائها أفضلية.
وهو ما يتطلب مشاورات واسعة النطاق للاستماع إلى جميع الأصوات والمظالم السائدة والاحتجاجات والآراء المعارضة، وهو أمر من شأنه أن يخلق آفاقاً أكبر لتوسيع المقاومة إقليمياً وعالمياً ويجذب الرأي العام العالمي، لا سيما في الغرب.
المصدر:globalresearch