20/12/2025
دولي 18 قراءة
"هآرتس" .. لماذا نلوم المستوطنين في دولة هويتها الإرهاب؟
.jpg)
الاشراق
الاشراق | متابعة.
25 حزيران. المكان: كفر مالك، البلدة الفلسطينية الواقعة على المنحدرات الشديدة لتل العاصور- القمة الرابعة من حيث ارتفاعها بين جبال فلسطين. في 23 حزيران، تم إطلاق النار صوب أحد أبناء القرية، وهو عمار حمايل. وحسب بعض الشهادات، الجنود هم الذين أطلقوا النار من مكان مخفي بين أشجار الصنوبر الموجودة على مدخل القرية الجنوبي. اخترقت الرصاصة ظهره وخرجت من جسده عبر الرقبة، لم يكن وجهه نحو الجنود عند موته. خلال الساعتين التاليتين، منع الجيش سيارة الإسعاف، وكذلك أبناء عائلته، من معالجة جروحه. سيارة “تندر” بيضاء يستخدمها ضباط الأمن في المستوطنات، وقفت قرب الجثة. كان عمره 13 سنة عند موته.
بعد يومين فقط على موته، اقتحم القرية الفلسطينية أكثر من مئة إسرائيلي. نزلوا في منحدر الجبل، كان بعضهم ملثمين. خربوا البيوت، وأشعلوا النار في كل ما خطر ببالهم، وخلفوا كتابات بذيئة على الجدران. لكنهم لم يكونوا وحدهم. خلف هذه المليشيا كانت هناك قوات رسمية للدولة، سارت بمحاذاتهم إلى القرية، وهم الذين قتلوا ثلاثة من سكانها – أحدهم قاصر وآخر قتلوه على مدخل بيته – في الوقت الذي حاولوا فيه الدفاع عن أنفسهم وعن قريتهم أمام مذبحة. بعد ذلك بقليل، دوى صوت جعفر حمايل على خط الهاتف المتقطع: “يقتلوننا، وبدأوا حرباً فيها طرف واحد، بكلابهم وبنادقهم”.
10 تشرين الأول. في اليوم الأول من موسم قطف الزيتون، تجمع حوالي 150 من قاطفي الزيتون في جبل كماص في بيتا. وهناك أقيمت منذ فترة عدة خيام ومبان مؤقتة، التي يسميها، سواء من يعيشون فيها أو الجيش، بالاسم المناسب “بشائر السلام”. قاطفو الزيتون وجدوا الحقول مليئة بالجنود وأعضاء المليشيا كتفاً إلى كتف. في نهاية اليوم، بقي 20 مصاباً من بين قاطفي الزيتون، بينهم 12 تم نقلهم إلى المستشفى، و3 صحافيين، وشاب تم إطلاق الرصاص الحي على قدمه على يد المليشيا، و8 سيارات أحرقت على يد المشاغبين، وسيارة إسعاف انقلبت وتقريباً تم إحراقها. في اليوم، في قطعة أرض أبعد قليلاً، في الوقت الذي كانت فيه عائلة تنشغل في قطف الزيتون، بدأ الجنود الذين كانوا يقفون وحدهم على تلة مقابلة، بإطلاق الغاز المسيل للدموع عليهم. طفل ابن 13، أيسم معلا، اختنق بالغاز وفقد الوعي. أعاق القتلة سيارة الإسعاف التي جاءت طوال ست دقائق من نقص الأوكسجين الذي أصبح قاتلاً. لم يفق أيسم من غفوته، ومات بعد شهر من ذلك. صمم الجيش على استقبال جنازته بإغلاق مدخل القرية وإرسال سيارة عسكرية لإلقاء قنابل الصوت في العزاء.
7 كانون الأول، الأحد، طوق الجيش قرية المغيّر الفلسطينية، واقتحم شوارعها وأزقتها الضيقة. ماذا كان هدف الاقتحام، غير واضح. فنشاطات الجيش اقتصرت على إغلاق كل مداخل القرية، وفرض حظر التجول غير الرسمي واقتحمت سيارات عسكرية في جنح الظلام، التي أطلق منها الجنود قنابل الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت بين البيوت. لم تكن هناك أي محاولة لاختطاف أحد شباب القرية، الذين ظلوا أحراراً في تلك الليلة. ما حدث حقا في تلك الليلة وفي تلك الساعات كان اقتحام مجموعة من الإسرائيليين لبيت عائلة أبو همام، الواقع في قلب القرية. 8 أشخاص من المجموعة وصلوا من جهة مزرعة شليشا، وكانوا ملثمين ومسلحين بالعصي. كل من لا ينخدع بالأوهام يعرف مسبقاً نتائج الهجوم. وكذلك التنسيق بين القوات الرسمية والقوات غير الرسمية التي تنفذ سياسة العنف الإسرائيلية. وحتى قبل ترك الجيش للقرية، انسحب المهاجمون وخلفوا وراءهم فتى ابن 13 سنة مصاباً برأسه، وامرأة عمرها 59 سنة مصابة بكدمات في رأسها وجسدها وأيديها، وهي حتى الآن تكافح للوقوف بعد يومين في المستشفى، وأربعة نشطاء تضامن من بريطانيا وفرنسا وأمريكا – جميعهم احتاجوا إلى تلقي العلاج في المستشفى.
في وقت الهجوم، وبعده مباشرة، حاول أهل القرية والطواقم الطبية الوصول إلى أبناء العائلات المتضررة ولكن الجيش منعهم. فقد صوب الجنود سلاحهم نحو سائق سيارة الإسعاف والمسعفين الذين كانوا يحاولون إسعاف المصابين، وهددوهم بالاعتقال إذا تقدموا. وبعد بضع ساعات، تمكنوا من إخلاء المصابين. وبعد ساعات أخرى، تحقق التهديد بالاعتقال. عندما كانت سيارة الإسعاف عائدة من المستشفى، أوقف الجنود اثنين من رجال الإسعاف عند نقطة التفتيش، وكبلوهما وعصبوا عيونهما، ولم يطلقوا سراحهما إلا بعد ساعات، لا لشيء إلا بسبب وجودهما هناك. لم يكن الجنود الذين فعلوا ذلك من الجنود – المستوطنين أو من كتائب الحماية الإقليمية، بل من جنود الاحتياط، الأشخاص الذين يجلسون في المقاهي وفي الأماكن المفتوحة وفي مكاتب الإدارة.
الهجمات على أبناء العائلة تتواصل حتى في الأيام التالية، وجد الجيش الحل في إزعاج ضحايا الهجوم. في البداية، صدر أمر منطقة عسكرية مغلقة لمدة 24 ساعة، الذي استخدم لاعتقال اثنين من النشطاء وترحيل آخرين. ثم وصل الجنود وشرطة الحدود وفرضوا أمر الإغلاق شهراً. اعتقلوا ناشطتين أمريكيتين تواجهان الآن الترحيل. رغم أنهما لم تكونا داخل المنطقة المغلقة. وظل الجنود يترددون على بيت العائلة في محاولة لتعقب أي شخص لا ينتمي لها، شريطة ألا يكون قادماً من جهة مزرعة شليشا.
13 كانون الأول. ثلاثة فتيان يرتدون قبعات يهودية كبيرة منسوجة ومن ذوي الشعر المستعار الطويل، هاجموا سيارة حنان خيمل وولديها أبناء 5 و4 سنوات. حنان نفسها كانت حاملاً في الشهر التاسع. المهاجمون هددوا أبناء العائلة وضربوهم ورشوهم بغاز الفلفل ووجهوا لهم شتائم عنصرية. وأول من اعتقلتهم الشرطة وحققت معهم عقب الحادث، الذي أصرت على وصفه بأنه خلاف على الطريق – كانوا 17 شخصاً من قرية حنان، الذين احتجوا على الهجوم. لم يتم الاشتباه بأي واحد منهم بارتكاب أعمال عنف، بل بقول الحقيقة: هذا الهجوم الذي لم يقع في الضفة الغربية، بل في يافا، كان موجهاً لكل المجتمع الفلسطيني في يافا، ولم يحدث ذلك في فراغ، بل في مناخ أوجدته “النواة التوراتية” في يافا، الممولة من بلدية تل أبيب، والتي كانت مصدر التوتر وعدم الاستقرار في المدينة لسنوات، وفرضت الخوف والرعب على سكان يافا العرب. ويترأس هذه المجموعة الأساسية الحاخام الياهو مالي، الذي قررت النيابة العامة عدم محاكمته بتهمة التحريض، بعد أن صرح قائلاً: “إرهابيو اليوم هم أبناء العملية السابقة التي تركتهم على قيد الحياة. النساء في الواقع هن اللواتي ينتجن المخربين”.
لا شيء اسمه عنف المستوطنين. فالعنف ضد الفلسطينيين بكل أشكاله – سواء كان رسمياً أو ما يصوره الليبراليون بأنه فوضى – ليس استثناء، بل هو جوهر الهوية الإسرائيلية. وينطبق نفس الأمر على الضفة الغربية وقطاع غزة ويافا والجليل وأي مكان آخر. الضفة الغربية ليست أرض المستوطنين، والمهاجمون ليسوا جماعة صغيرة من المتطرفين. هذه الهجمات هي تطبيق لسياسة تطهير عرقي طويل الأمد، لا تبدأ ولا تنتهي بـ “المستوطنين المتطرفين” أو بـ “حكومة اليمين المتطرفة”. الضفة الغربية ليست أرضاً خارج الحدود، البلاد كلها من البحر إلى النهر هي أرض الإسرائيليين.