التحدّيات الاقتصادية العالمية عام 2026

ishraq

الاشراق

الاشراق | متابعة.

مع نهاية العام 2025، يمكن تلخيص المشهد الاقتصادي العالمي بأنه عام النمو الضعيف والاستقرار المقلق، والتحدّيات الهيكلية المستمرة، واختبار الرسوم التجارية، والاتفاقيات الثنائية، فقد سجّل الاقتصاد العالمي معدّل نمو بحدود 3 بالمئة متأثّراً ببطء تعافي الاقتصاديات الكبرى وبتداعيات الجغرافيا السياسية وارتفاع كلفة التمويل.

بالأرقام، النمو كان على الشكل الآتي:
الولايات المتحدة شهدت تباطؤاً في النمو الاقتصادي عند 1.8% مع استمرار تأثير الفائدة المرتفعة على القطاعات الإنتاجية بالرغم من التخفيض الملحوظ على أسعار الفائدة، أما الصين فقد حافظت على وتيرة نمو 4.5% بدعم من سياسات تحفيزيّة رغم ضغوط الرسوم الجمركية الأميركية عليها، فيما برزت الهند كأسرع نمو اقتصادي وصل إلى 6.5% كأفضل قوة ناشئة اقتصادية.

وبالنسبة لأسعار الفائدة، استمرت مرتفعة في معظم العام نتيجة التردّد في خفضها من قبل البنوك المركزية الكبرى، مما أدّى إلى تخفيض الاستثمارات وإضعاف شهية الأسواق، بالمقابل ظلّ التضخّم متقلّباً تحت السيطرة أحياناً وخارجها أحياناً أخرى.

أما أسواق السلع والمعادن، فقد تألّق الذهب كملاذ آمن ومربح، محقّقاً مستويات تاريخية مع تنامي المخاوف من الركود والتوترات العالمية، وتراجعت أسعار النفط بشكل خفيف في ظلّ تراجع الطلب في أوروبا وآسيا.

أما الديون العالمية، فقد بقيت في مستويات مرتفعة، خصوصاً مع الدول النامية، حيث باتت كلفة الاقتراض أكبر من قدرة العديد من الاقتصاديات على السداد، وازدهرت خطوة طبع العملة المحلية بالرغم من آثارها على التضخّم، وأصبحنا أمام أزمة ديون قريبة.

الخلاصة، لم يكن 2025 عام الانفراج المنتظر، بل عام انتظار محفوف بالقلق، ومرحلة تحوّل وتغيّر موازين القوى، واستمرار الصراعات الجيوسياسية والجيواقتصادية بين الشرق والغرب، وتحدّيات على البيئة، وضع الديون الأميركية وتأثيرها على وضع الدولار.

أما 2026، فهو عام سيتحمّل نتائج 2025 والتركة الثقيلة، بحيث تشير توقّعات المؤسسات الدولية والدراسات المالية من صندوق النقد إلى البنك الدولي، ومراكز الدراسات المالية في آسيا، ومركز إحصاءات اليورو في أوروبا، إلى أنّ مؤشرات النمو في العام المقبل ستكون على الشكل الآتي:

الولايات المتحدة: 1.8%

الصين: 4.5%

الهند: 6.5%

اليابان: 5.9%

روسيا: 1.5%

منطقة اليورو: 1.2%

النمو العالمي: 3%

وبخصوص تفاصيل المؤشرات فهي كالآتي: 

الولايات المتحدة:

1- استمرار تباطؤ النمو بحسب المتوقّع سيصل إلى 1.8% مما يؤثّر على تحسين الناتج المحلي وزيادة الاستثمار، وتخفيض معدل البطالة.

2- ضغوط الدين العامّ الذي وصل إلى 37 تريليون دولار وتكاليف الفوائد التي وصلت إلى 970 مليار دولار سنوياً.

3- التبعات المنتظرة للانتخابات النصفية، خاصة بعد الإقفال الحكومي الطويل في 2025، وصراعات الحزبين الحاكمين والرؤى الاقتصادية المختلفة على التقديمات الاجتماعية.

4- التذبذب في سوق العمل ومعدّلات التضخّم: على مستوى التوظيف يستمر الطلب في قطاعات التكنولوجيا والرعاية الصحية، مع استمرار انخفاض الطلب على القطاعات الإنتاجية والزراعية، ومعدّلات البطالة تتأرجح بين 4 و5%. أما بالنسبة لمعدلات التضخّم، فلا تزال عند 2–3% في انتظار توجّهات الفيدرالي الأميركي بحسب خطته لموضوع تخفيض الفوائد.

5- انتظار نتائج الرسوم الجمركية وانعكاساتها على الاقتصاد الداخلي والعالمي، وتأثيرها على الإنتاج والنمو في 2026.

الصين:

1-  لا تزال الصين بعد أزمة كورونا تعاني من انخفاض النمو واستقراره عند مستوى 4.5% وهو متوقّع لعام 2026.

2-  أزمة العقارات مستمرة والديون الداخلية لا تزال من دون حلول.

3- الضغوط الجيوسياسية بالصراع مع الولايات المتحدة والضغوط الجيواقتصادية، خاصة في موضوع العقوبات التكنولوجية، لا تزال أساس الصراع الاقتصادي التكنولوجي مع الولايات المتحدة.

4- الرسوم التجارية المفروضة من الولايات المتحدة: بالرغم من تجميدها، إلّا أنّ تأثيرها موجود خاصة على سلاسل التوريد.

5-  تباطؤ الاقتصاد العالمي وتأثيره المباشر على انخفاض الصادرات.

منطقة اليورو:

1- كانت الأضعف عام 2025 ولا تزال التوقّعات على أنها ستكون الأضعف عام 2026 بتوقّعات نمو تصل إلى 1.2%.

2- ضعف الإنتاج وشيخوخة السكان.

3- استمرار الحرب في أوكرانيا وأثرها على الطاقة.

4- تحدّيات التحوّل إلى الطاقة النظيفة وكلفة تمويلها.

5- ثقل الديون الكبير، خاصة في ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا.

بناء على المشهد في تحدّيات عام 2025، بات جليّاً أنّ العالم يحتاج إلى إصلاح النظام المالي العالمي وسط ضعف النمو وارتفاع هائل بالديون، وسيطرة الفائدة على الواقع النقدي، والترقّب الأبرز: كيف سينتقل العالم إلى العملات الرقمية وهل سيكون عام 2026 عام التحوّل الرقمي المالي العالمي؟

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الاشراق وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً
زياد ناصر الدين - كاتب وباحث اقتصادي

Copyright © 2017 Al Eshraq TV all rights reserved Created by AVESTA GROUP