غضب واسع في لبنان .. ماذا بها "جعيتا"؟

ishraq

الاشراق

الاشراق | متابعة.

أثار انتشار مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي يُظهر إحياء حفل زفاف ساهر وصاخب في مغارة جعيتا، -أحد أهم المعالم السياحية والتراثية في لبنان- موجة غضب واعتراض شديدين بين اللبنانيين الذين طالبوا بمحاسبة المسؤولين عن هذا الانتهاك الفاضح، لاسيما وأنه ممنوع على الزوار والسياح إدخال الهواتف الخلوية وكاميرات التصوير والإضاءة داخل المغارة، لأنها تؤثر على التكوينات الصخرية فيها والتي استغرق تشكيلها ملايين السنين.

ولم يتوقف الانتهاك عند صخور المغارة على استخدام الكاميرات والأضواء، بل على استخدام الصوت العالي للموسيقى والعدد الكبير للناس المدعوين، الأمر الذي يشكل ضرراً على المغارة بحسب الخبراء.

وانتقدت الإعلامية والكاتبة مي أبي عقل، المتخصصة بالقضايا التراثية والآثار، ما جرى من استباحة لمغارة جعيتا، التي تعتبر “جنة الطبيعة”، ووصفت ما حصل بأنه “جهل واستهتار”، سائلة: “حفلة طويلة عريضة داخل مغارة جعيتا؟؟ معقول؟؟! ليك وين وصل الجهل والاستهتار بهالبلد. ما عاد في شي الو قيمة واحترام. سابقاً كان ممنوع التصوير، ممنوع إدخال التلفون لما تؤثر حرارة الإضاءة عالحجر.. هلق تصوير وأضواء وتركيب تجهيزات وصف كراسي وضجيج صار مسموح ؟؟.. بحياتا ما صارت الا لما الدولة والبلدية استلمت هالمرفق السياحي التاريخي يللي صخوره تكونت على امتداد ميات آلاف السنين. هالقد صارت الامور فالتة بالبلد؟ هلقد صارت المصاري بتشتري التراث والبيئة والتاريخ؟؟ هالقد صاروا المسؤولين أميين وجاهلين ومستهترين بكنوز  البلد وإرثه الطبيعي؟!!!” وطالبت “بمحاسبة المسؤولين واحترام الطبيعة والإنسان في لبنان”.

بدورها، سجلت الإعلامية بولا خباز، اعتراضها على ما جرى، وسألت: “مغارة جعيتا … إلى أين؟ إلى الدمار؟ إلى الانهيار؟ إلى المحسوبيات؟ وتفرج يا لبنان!”. وأضافت: “هناك دول تهتم بآثارها كمصر التي اصبحت حديث العالم وهناك دول كلبنان لديها أناس مخجلة جاهلة تدمّر من اجل المصالح الشخصية والواسطات والمسايرة!”.

أما المصور كميل الريس، المعروف بتصويره لأهم المواقع الطبيعية والقرى والبلدات، فاستهجن الاستنسابية في التعاطي قائلاً: “منذ مدة ليست بقريبة قصدت مغارة جعيتا لتصويرها، قوبلنا بالرفض بحجة أن فلاش الكاميرا يضر بالتكوينات الصخرية لنفاجأ اليوم بفيديو حفل العرس الذي أقيم داخل المغارة”. وختم “بس هيك،  استنسابية، بلد العجائب”.

وبعد الضجة الواسعة التي انتشرت على مواقع التواصل، أصدرت وزارة السياحة بياناً للرأي العام، وصف ببيان “رفع العتب”، ألقت فيه المسؤولية على بلدية جعيتا، قائلة إنها “ستوجه إليها كتاب إنذار رسميا تُحدد فيه المخالفات المرتكبة، وتطلب التقيد الكامل بالالتزامات التعاقدية والأخلاقية المتعلقة بإدارة وتشغيل مغارة جعيتا، والتقيد بالتعميم رقم 36\2025 الصادر عن رئاسة مجلس الوزراء، الذي يطلب من جميع الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات واتحاداتها والأجهزة المعنية كافة التشدد في منع استعمال الأماكن العامة البرية والبحرية والمعالم الأثرية والسياحية أو تلك التي تحمل رمزية وطنية جامعة، وذلك قبل الحصول على التراخيص والأذونات اللازمة من الجهات المعنية وفق الأصول”.

ومما جاء في البيان: “وقّعت وزارة السياحة وبلدية جعيتا عقدًا بالتراضي يخوّل بلدية جعيتا مؤقتًا إدارة مرفق مغارة جعيتا وتشغيله وصيانته، بعد أشهر من الإقفال القسري، تأكيدًا على أهمية هذا المعلم ورمزيته الوطنية. وكان توقيع العقد مع البلدية، اعتمادًا على مجمل الآراء القانونية ومقتضيات قانون الشراء العام، الخيار الوحيد المتاح لإعادة افتتاح المغارة خلال فترة وجيزة، ريثما يتم الانتهاء من وضع دفتر شروط المزايدة المفتوحة والشفافة لاختيار المستثمر الذي سيقوم بإدارة المغارة وتشغيلها وصيانتها لمدى أطول، وفقاً لأعلى المعايير العالمية”.

وكشف البيان “أن رئيس بلدية جعيتا وليد بارود، تواصل مع وزيرة السياحة لورا الخازن لحود شفهيًا، وطرح فكرة إقامة احتفال داخل المغارة من دون أن يقدم تفاصيل كاملة حول طبيعة النشاط ومضمونه. وقد أكدت الوزيرة أن أي نشاط من هذا النوع يستوجب طلبًا خطياً من البلدية إلى الوزارة، وفقًا لأحكام العقد القائم بين الطرفين، بحيث تقيّم الوزارة الطلب رسميًا استنادًا إلى دراسة شاملة للشروط الأمنية، والمالية، والثقافية، والإدارية، وتلك المتعلقة بالسلامة العامة، وكذلك جميع الترتيبات التعاقدية بين البلدية وأي جهة ثالثة مشاركة في الحدث”.

 وأوضحت الوزارة أنه على الرغم من ذلك، سمحت البلدية بتنظيم الاحتفال من دون تقديم طلب خطي إلى الوزارة، ومن دون مشاركة أي من العقود أو ملخص العائدات المالية الخاصة بالحدث، ومن دون ما يثبت التشاور مع “النادي اللبناني للتنقيب عن المغاور” (Spéléo Club du Liban) كما يفرض العقد”.

 وفي الختام أكدت وزارة السياحة “تحملها كامل مسؤولياتها في الإشراف على إدارة وتشغيل مغارة جعيتا، منعًا لأي ضرر يمكن أن يقع بهذا المعلم”.

أما رئيس بلدية جعيتا وليد بارود فأشار إلى “أن كل مغاور العالم تحتضن أمسيات وحفلات غنائية وبالتالي ما حصل ليس نهاية العالم”، لافتاً إلى أن “ما جرى لم يكن حفلة زفاف وإنما سهرة تحضيرية لزفاف ضمت 120 شخصاً ودامت 30 دقيقة، وقد خلت من الأكل والشرب، وأن كل ما جرى أثناء هذه السهرة القصيرة كان تحت أنظار خبراء من قبل البلدية، وكل نظام الصوت والإضاءة كان مراعياً للمعايير اللازمة ولا يلحق أي ضرر أو أذى بالمغارة”.

ولاحقاً، علّق رئيس الحكومة نواف سلام على ما حصل، فأكد “أن العبث بالثروات الطبيعية اللبنانية أمر غير مقبول إطلاقًا”، موضحاً أنه “استنادًا إلى بيان وزارة السياحة الذي أكد عدم صدور أي إذن خطي أو استشارة للنادي اللبناني للتنقيب في المغاور، طلب من الجهات المختصة إجراء تحقيق شامل لمحاسبة كل من خالف الأصول القانونية وبنود العقد مع الوزارة”. وشدد “على ضرورة الالتزام بالتعميم الصادر عنه في أيلول/ سبتمبر الماضي، والقاضي بتطبيق القوانين التي ترعى استعمال الأملاك العامة البرية والبحرية، والمواقع الأثرية والسياحية، والمباني الرسمية”.

Copyright © 2017 Al Eshraq TV all rights reserved Created by AVESTA GROUP