30/10/2025
السياسية 13 قراءة
"ترامب" ينقل أسلوبه التدخّلي إلى العراق.. مبعوث رئاسي بخلفية اقتصادية!

الاشراق
الاشراق | متابعة.
لم يكن تعيين مارك سافايا مبعوثاً أميركياً خاصاً إلى العراق مجرّد نقل دبلوماسي عادي، بل إشارة قوية إلى تحوّل نوعي في سياسة واشنطن تجاه بغداد. وأثار قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إيفاد سافايا إلى بغداد لمتابعة الفصائل العراقية وتحجيم نفوذ إيران، موجة من الجدل والمخاوف في الأوساط السياسية العراقية، إذ تحتوي خلفيّته على ما يتجاوز مجرّد مهمة رسمية، لتتداخل فيها ملفات الاستثمار، والاقتصاد، والقرار السياسي ما بعد الانتخابات.
وكشف مصدر سياسي عراقي رفيع المستوى في حديث خاص لـ»الأخبار» وتابعته الاشراق أن «تعيين سافايا ليس اعتباطياً، بل جاء بعد تقييم أميركي بأن الوقت حان لتحفيز تغيير داخلي في العراق»، مشيراً إلى أن «المبعوث يأتي بصفة عين ترامب في المشهد العراقي». وأضاف أن سافايا «سوف يجتمع خلال الأيام المقبلة بعدد من القادة والمسؤولين العراقيين قبيل الانتخابات، وهذه الزيارات تهدف إلى فتح قنوات مباشرة مع واشنطن خارج الأطر المعتادة».
وعلى الرغم من عدم صدور أي بيان رسمي من الحكومة العراقية بهذا الصدد حتى اللحظة، ربط المصدر «الصمت الحكومي» بالإشارة الضمنية إلى موافقتها أو على الأقل تقبّلها للتعيين، ما يعكس نيتها التعاون معه.
من جانب آخر، يُشير القيادي في «الإطار »، حسين طالب الموسوي، إلى أن مهمة سافايا لا تقتصر على متابعة إيران ووكلائها، بل تضم كذلك حقيبة اقتصادية ضخمة. ويقول: «لم يأتِ سافايا ليتابع فصائل فقط، بل يحمل معه مشروعات استثمارية أميركية ضخمة، وهذه خطوة تؤكّد أن واشنطن لديها يد في القرار السياسي العراقي». ويضيف الموسوي: «توقيت التعيين ليس صدفة، بل يرسل رسائل متعدّدة ليس فقط على مستوى العراق، وإنما إلى المنطقة ككل». ويعتقد أن «التعيين رسالة للفصائل بأن اللعبة تغيّرت، ولن يكون العمل بآليات الماضي مقبولاً».
تعيين سافايا جاء بعد تقييم أميركي بأن الوقت حان لتحفيز تغيير داخلي في العراق
من جهته، أوضح المحلّل السياسي العراقي، أحمد الصالحي، أن قرار التعيين - بدل إرسال سفير أو عمل ضمن القنوات الدبلوماسية التقليدية - يُمثّل «تغيّراً جذرياً في استراتيجية الولايات المتحدة تجاه العراق». ويستدرك: «هذا الأمر يحمل في طياته تبعات سلبية؛ إذ إن واشنطن لا تثق بالكثير من التجارب السياسية العراقية، وبالتالي تختار وسطاء باختصاص أقل دبلوماسية وأكثر تنفيذية».
أحد الأبعاد التي لم تُغفلها الدوائر السياسية، هو أن هذا التعيين جاء في سياق الانتخابات البرلمانية العراقية التي تجري في 11 تشرين الثاني المقبل، ما يعزّز الظن بأن واشنطن تستعدّ لمرحلة ما بعد الانتخابات بفرض حضور مباشر وتأثير ملموس في تشكيل الحكومة والنخبة السياسية. كما يعتقد مراقبون أن جزءاً من مهمة سافايا هو «تفكيك هيمنة الفصائل المدعومة إيرانياً وتحويل المسار نحو علاقات شفّافة مع واشنطن».
من جهته، يرى المحلّل والدبلوماسي السابق، غازي فيصل، أن طبيعة عمل المبعوث تختلف جذرياً عن العمل الدبلوماسي التقليدي لوزارة الخارجية الأميركية. ويقول في تصريحات إعلامية: «المبعوث الرئاسي لديه صلاحيات مباشرة على مستويات عدة، اجتماعية، تجارية، أمنية. وهو قادر على تحريك ملفات الاستثمار وإعادة رسم العلاقات الثنائية». ويدلّ إرسال مبعوث خاص في هذا التوقيت على أن الولايات المتحدة تنوي تجاوز الطرق المعتادة في العلاقات العراقية، لأسباب متعدّدة: أولاً، عدم تعيين سفير في بغداد لفترة طويلة يشير إلى تراجع التمثيل الدبلوماسي العادي، ما دفع واشنطن إلى خيار مباشر بـ»مبعوث خاص». ثانياً، الملف الأمني والفصائلي في العراق مأزوم، وإيران تمارس فيه حضوراً قوياً، وواشنطن تسعى إلى إحداث توازن جديد. ثالثاً، العراق يملك ثروات هائلة، والولايات المتحدة تريد أن تكون شريكة في إعادة بناء المنظومة المالية العراقية.
من وجهة نظر عراقية، ثمّة خشية من أن يصبح هذا التعيين بمثابة ضغط خارجي مباشر على تشكيل الحكومة المقبلة، وفرض شروط أميركية مُسبقة. المصدر السياسي العراقي قال إن «تمرير هذا القرار من دون نقاش مكثّف من بغداد يعني أن واشنطن أصبحت تشارك فعلياً في مضمون صناعة القرار»، ما يفتح الباب أمام عودة أزمة السيادة التي شهدها العراق في مراحل سابقة.
تقرير لفقار فاضل.
لا تتبنى الاشراق بالضرورة الاراء والتوصيفات المذكورة.