إلى أبي السيد... أحنّ إليك

ishraq

الاشراق

الاشراق | متابعة.

مرّ عامٌ على خسارتنا الكبرى التي لا تعوّض، نعم خسارتنا الكبرى، وسأسمح لنفسي أن تطلق ما بداخلها من أحاسيس من دون قيد أو شرط أو سقف.

أقف ومعي الزمن، عاجزان عن السير خطوة واحدة، عالقان هناك في ذلك اليوم وعند تلك العبارة.

ثقل الخبر لا يزال ينهش قلبي، يعيدني إلى لحظة لم أؤمن يوماً بأنني سأعيشها، خلتُكَ خالداً لا تنتهي، وثقتُ بأنّك كالشمس لا محال أنها ستشرق عند كل صباح، صحيحٌ أنّ مثلكَ لا يموت جسداً بل يبقى فكراً ونهجاً وأعجوبة يصعب محوها من أثر الدنيا والآخرة، لكن لوجهك الحسن تأثير في نفس الإنسان ووعيه ولا وعيه أيضاً، لذا لا تلومني إن قلتُ لكَ أنّني أشتاقك جسداً لا روحاً فقط.
أبتِ،

أذكر ذلك اليوم حين بُث خبر رحيلك،
أنكرته كحال الملايين من العاشقين، ظننته دعاية من موجبات الحرب، أو خطأ في التشخيص أو أي شيء آخر، كنت أظن دوماً أن دعائي لكَ بعد كل صلاة سيحميك فعلاً ويبعد عنكَ أيدي الأعداء، كم أنّني ساذجة!!


من أين لي بكل هذه الثقة؟ أحقّاً ظننت أنّ دعائي قادر أن يمنع ربّ السماء من أن يستجيب دعاء عبده الصالح حسن عبد الكريم نصر الله؟ يا ترى على مدار كل هذه السنوات من حياتك الشريفة كم مرة ومرة طلبتَ الشهادة؟ كم مرّة بكيت خشية من ألا تلتحق بالسلف الصالح؟
سيّدي،

نلتَ ما تمنيت، وهذا شرفٌ تستحقه، لكن ماذا عنّا؟
في داخلي شعور واحد لم أشعر به قبل ذلك، يمكن وصفه بكلمة دون سواها، «الفراغ»!!
نعم، فراغ!! وكأنّك أفرغت أجسادنا من الرّوح، حملتَ معكَ أنفاسنا وتركتنا من دون لقاء جديد.

ولكن كيف؟ ألم تقل جملتك الأخيرة «لن أقول وداعاً بل إلى اللقاء»، إذاً، أين اللقاء يا صادق الوعد؟
أتدري سيّدي،

في منزلي صورة لكَ وضعتها أمام عيني كي أستبشر خيراً من نور وجهك كلما ضاقت بي الدنيا، أقبّلها من الحين للآخر، وأحياناً كثيرة أحدّثها عن مدى اشتياقي وعن حجم فقدي، إلى جانبها وضعت وردة جففتها من نعشك، كي تبقى معي وبركة لمنزلي، والأهم كي أخبر أولادي ذات يوم عن بطلٍ شريفٍ كان بيننا بل كان أبانا، منحنا النصر والكرامة والحبّ، حرّر جنوبنا وأعاد للوطن مجده، واستُشهد دفاعاً عن أهلنا المظلومين في غزة، حتى بات كزيتون الجنوب وترابه عصيّاً على الكسر والزوال.
أتعلم سيدي أيضاً،

أنه طوال مدة الحرب وأنا أضع في حقيبة الإخلاء ذلك القرآن الكريم المبارك الذي شُرفتُ وحصلت عليه وفيه دعواتك الصادقة لنا بالخير والعافية وفيه توقيعك، كنت أخاف عليه، وأطمئن وأنا أحميه، ربما كان بالنسبة إليّ شيءٌ منك من رائحتك من طيفكَ الذي حلمتُ يوماً أن ألقاه.

على أعتاب ذكراك الموجعة، وبعد سنين من الكدّ والعمل،
أقول لكَ سيدي، آن لكَ أخيراً أن ترتاح، أتعبناكَ معنا كل هذه السنين، حملتَ عنا جبالاً من الهموم،
عشتَ بظروف قاسية من أجلنا، منحتنا الأمان ومضيت،
هنيئاً لك يا عزيز الرّوح، يا خير من وهبتنا الحياة،
يا نعمة الله التي منّ بها علينا، حتى بتنا نشكر الله أنّنا عشنا في زمن السيّد حسن.
نشتاقُك بقدر الأيام والليالي التي حالت بيننا،
نحنّ إليك مع نسائم أيلول وأيار وتموز وغيرها من أشهر السنة التي أكسبتها أنت معناها،
نحتاج إليكَ أكثر من أي وقت مضى، فلا تنسانا نحن أبناؤك الأوفياء.
بأمان الله يا أنقانا، يا أطهرنا، يا رزق الأيام وخيرها،
إلى اللقاء مع انتصار دمك على السيف،

 

تدوينة لآية فاعور

 

Copyright © 2017 Al Eshraq TV all rights reserved Created by AVESTA GROUP