لماذا لم يكن نتنياهو "جريئا" في حديثه عن "اسرائيل الكبرى"؟

ishraq

الاشراق

الاشراق |  متابعة.

سؤال بات يطرح نفسه في هذه الايام وبكثرة، وهو كيف "تجرا" رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، على ان يعلن جهارا نهارا نيته اقامت "دولة اسرائيل الكبرى"، التي  ستضم فلسطين والاردن ولبنان و مصر والسعودية والعراق، في الوقت الذي ترتبط فيه بعض هذه الدول بعلاقات وثيقة مع كيانه، وبعضها طبّع معه منذ عقود طويلة؟.
في الوهلة الاولى قد يبدو طرح مثل هذا السؤال وجيها، الا انه في الوقت نفسه يستبطن الكثير من السذاجة، فالعارفون بطبيعة الانظمة العربية بشكل عام، والمطبعة منها بشكل خاص، وطبيعة العلاقة التي تربط هذه الدول مجتمعة بامريكا، يدركون جيدا ان طرح مثل هذا السؤال ليس في محله اصلا، لانه ليس هناك ما يخيف نتنياهو من الانظمة العربية كي نصف تصريحاته بـ" الجريئة"، او انه يغامر، فالرجل قال ما قاله ليس بسبب قوة كيانه العسكرية، او دعم امريكا الكامل له، فحسب، بل بسبب وجود هذه الانظمة بالذات.

ومن اجل الا يكون حديثنا تجريديا، سنمرّ سريعا على اهم الاسباب التي دفعت نتنياهو للاعلان عن نيته احتلال 6 دول عربية!!:

-الابادة الجماعية التي يرتكبها نتنياهو منذ عامين في غزة، لم تستثر الحكومات والجيوش العربية، رغم انه لو وقع معشار ما وقع في غزة في مكان أخر من العالم لكان العالم كله يستنفر.

-ما فعله نتنياهو من ابادة وتجويع وتدمير للبشر والحجر في غزة، لم يستثر كما كان يجب الشعوب العربية التي اكتفت بدور المتفرج، بينما ساد الغضب بسبب ذلك المجتمعات الغربية والاوروبية ومازال.

-ادرك نتنياهو ان سرطان الطائفية الذي زرعه علماء السوء في المجتمعات العربية، لم يشل الوعي العربي عن ادراك ما يجري ويمتنع عن مد يد العون لاهالي غزة فحسب، بل جعله ينشرح باستشهاد اكبر الرموز العربية التي انتصرت لغزة وضحّت بنفسها من اجل القدس.

-نتنياهو يعلم جيدا ان مدى الغضب الذي ستصل اليه تلك الانظمة هو التنديد والاستنكار، ومد يد الاستجداء للمنظمات الدولية، رغم ان هذه المنظمات في جيب امريكا واللوبيات الصهيونية.

-نتنياهو يدرك جيدا ان اي نظام عربي تطبيعي، سوف لن يسحب سفيره من الكيان الاسرائيلي ولا يقطع علاقاته معه. كما يعلم جيدا ان الانظمة العربية لن تستخدم سلاح النفط والاقتصاد للضغط على امريكا التي تحرك كيانه.

-اغلب التقارير والمقالات واللقاءات التي تم اعدادها وكتابتها واجرائها في الفضايات العربية والصحافة العربية خلال الايام القليلة الماضية، تطرقت الى كل شيء للرد على نتنياهو، الا المقاومة، ولسان حالها يقول سنقاوم الاحتلال بالتصريحات والشعارات والتحليلات!.

في هذه المرة كان نتتياهو صادقا، بينما كان المطبعون يكذبون، فهو يفعل كل ما قاله في كتابه المعنون "مكان تحت الشمس" الصادر في عام 1995 ، واللافت انه كتبه بعد عامين من توقيع اتفاقيات اوسلو حيث اكد على مبدأ “السلام مقابل السلام " ورفض مبدأ “الأرض مقابل السلام” الذي كان أساس عملية أوسلو، وهو يعني عمليا ان كيانه لن ينسحب من الأراضي العربية التي احتلها في فلسطين والدول العربية. ورفض رفضا تاما السيادة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، ورفض حل الدولتين. وصور الصراع مع الفلسطينيين ليس صراعا على الأرض المحتلة، بل هو جزء من صراع حضاري أكبر بين الحضارة الغربية التي تمثلها “إسرائيل”، وبين ما يصفه بـ “التطرف الإسلامي”.

اليوم على عرب التطبيع وبعض الانظمة العربية الاخرى ان تجيب على هذا السؤال: اذا كانت حماس قامت بـ" مغامرة "، كما كنتم تزعمون وتسببت باحتلال اجزاء من غزة، ترى ما هي المغامرة التي اقدمت عليها السعودية ومصر والاردن ولبنان والعراق وسوريا، ليعمل نتنياهو على احتلالها؟!!.

كان يجب ان تحرك دماء 62 الف شهيد و 155 الف مصاب من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح 235 شخصا، بينهم 106 أطفال، الدماء في عروق الانظمة العربية، ويحركوا ساكنا، قبل ان يصل مسلسل الموت الاسرائيلي اليها، ولن يوقف مسلسل الموت هذا الا المقاومة واستخدام السلاح بمختلف انواعه، العسكري والنفطي والغازي والاقتصادي والمالي والسياسي والاعلامي والاجتماعي قبل فوات الاوان، وكل حديث غير حديث المقاومة، هو استسلام وانتظار لحظة القتل.

Copyright © 2017 Al Eshraq TV all rights reserved Created by AVESTA GROUP