23/12/2024
اسرة و مجتمع 45 قراءة
التشتت وفرط الحركة: معاناة بين غياب التوعية وضعف الدعم
الإشراق | متابعة.
يعاني المصابون باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD) من نقص كبير في التوعية والتشخيص المبكر، وبينما يتم تشخيص ما يقارب 5-7% من الأطفال على مستوى العالم بهذه الحالة، إلا أن لبنان يعاني من غياب إحصاءات دقيقة حول انتشارها بسبب نقص الدراسات الميدانية.
تشير الدراسات العالمية إلى أن ADHD أي التشتت وفرط الحركة خاصة لدى الأطفال، هو اضطراب شائع يصيب حوالى5-7% من الأطفال على مستوى العالم، ما يجعله أحد أكثر الاضطرابات السلوكية شيوعاً في مرحلة الطفولة.
وفي لبنان رغم وجود عدد من الدراسات التي تشير إلى تأثير هذا الاضطراب على الأطفال اللبنانيين، إلا أن الأرقام الدقيقة ما زالت غير متوافرة بسبب غياب الدراسات المحلية.
نتيجة لذلك، يواجه الأطفال المصابون بـ ADHD تحديات كبيرة في المدارس، ولا يتلقى العديد منهم الدعم الكافي من قبل المعلمين والمدارس بسبب نقص التدريب والتوعية.
الإحصاءات والحقائق
وفي تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية، تم التأكيد على أن ADHD يتسبب في تحديات أكاديمية وسلوكية واجتماعية للأطفال.
كما أظهرت دراسة أجرتها الجامعة الأميركية في بيروت (AUB) عام 2019 أن الأطفال المصابين بـ ADHD في لبنان يواجهون صعوبات كبيرة في بيئات التعليم التقليدية، حيث لا يتم تعديل المناهج الدراسية أو طرق التدريس لتناسب احتياجاتهم الخاصة.
تحديات أمام الأطفال المصابين بـ ADHD
يواجه الأطفال المصابون بـ ADHD في لبنان العديد من التحديات، ليس فقط على المستوى الشخصي، ولكن أيضاً على مستوى المدارس والمجتمع. من أبرز هذه التحديات:
1. غياب التوعية: في العديد من الحالات، يُنظر إلى الأطفال الذين يعانون من ADHD على أنهم "مشاغبون" أو "غير ملتزمين"، بدلاً من فهم حالتهم كاضطراب طبي يحتاج إلى دعم خاص.
2. ضعف التدريب المدرسي: غالباً ما تفتقر المدارس إلى تدريب المعلمين على كيفية التعامل مع هذه الحالات. معظم المدارس لا توفر برامج متخصصة أو تعديلات على المنهج لدعم هؤلاء الأطفال.
3. التكاليف المرتفعة للعلاج: العلاج في لبنان غالباً ما يكون مكلفاً، سواء من حيث الأدوية أو الجلسات النفسية أو العلاج السلوكي، ما يجعل الدعم الطبي بعيداً عن متناول العديد من الأسر.
خطوات للمساعدة
من خلال التجربة، أدركت أنه لا يمكننا الاستمرار في هذا الوضع، وبالتالي علينا اخذ بعض الخطوات لتحسين ونساعدة ابنائنا الذي لا دنب لهم مثل:
1. دعم الأهل: يجب على الأهل توفير الدعم النفسي لأطفالهم المصابين بـ ADHD، ومساعدتهم على تطوير مهارات التنظيم والتركيز. مثلًا، يمكن استخدام أدوات بسيطة مثل قوائم المهام اليومية أو الجداول الزمنية المرنة.
2. التواصل مع المدارس: من الضروري أن يكون هناك تواصل مستمر مع إدارة المدرسة والمعلمين، ومطالبتهم بتطبيق توصيات الطبيب بشكل جاد، مثل تخصيص وقت إضافي للامتحانات أو تعديل مكان الجلوس داخل الصف.
3. التدريب والتوعية: يحتاج المعلمون إلى تدريب على كيفية التعامل مع ADHD. يمكن عقد ورشات عمل داخل المدارس أو التعاون مع أخصائيين تربويين لزيادة الوعي بهذا الموضوع.
4. الضغط على الجهات الحكومية: من الضروري أن تقوم الحكومة اللبنانية بزيادة الوعي حول ADHD وتوفير برامج دعم وعلاج بأسعار معقولة، خاصة للأسر التي تواجه صعوبة في تحمل تكاليف العلاج.
ADHD ليس مرضاً
يمكن القول، أن اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD) ليس مرضاً يؤثر على قدرات الطفل العقلية أو إمكانياته المستقبلية، بل هو تحدٍّ يرتبط بشكل أساسي بأساليب التعليم التقليدية التي قد لا تكون ملائمة لكل الأطفال.
هذا الاضطراب لا يُعرِّف الطفل ولا يحدّ من طموحه أو إبداعه، بل على العكس، يمتلك العديد من الأطفال المصابين بـ ADHD مواهب فريدة وطاقات مميزة تظهر خارج الإطار الأكاديمي.
وإذا نظرنا إلى الأمر من زاوية أخرى، نجد أن هؤلاء الأطفال قد يبدعون في مجالات مثل الفنون، الرياضة، الابتكار، أو حتى المهارات القيادية، إذا توفر لهم الدعم المناسب. لذلك، تقع المسؤولية على عاتقنا كأهل ومعلمين ومجتمع لتوفير بيئة مرنة ومُحفِّزة تُبرز نقاط قوتهم، بدلاً من التركيز على التحديات الأكاديمية فقط.
وفي المحصلة، فإن احتضان الاختلافات وفهم احتياجات الأطفال المصابين بـ ADHD يمكن أن يفتح أمامهم أبواب النجاح، ويمنحهم الثقة بأنهم قادرون على تحقيق أحلامهم، بغض النظر عن أي عوائق أكاديمية قد يواجهونها.