09/10/2024
تقاریر 175 قراءة
السيّد الشهيد يقود المعركة
الإشراق | متابعة.
ونحن نرى ما يفعله المقاومون من بسالة نادرة واستثنائية على الحدود مع فلسطين المحتلّة، ومن الشلل شبه الكامل الذي أحدثوه في كيان العدوّ، يتأكّد للعالم كلّه كذلك أنّ القائد ما زال يقود المعركة، وإن كان شهيداً.
إضافة إلى استهدافاته الكثيرة في المعركة، فإنّ العدوّ قد رمى من وراء اغتيال السيّد حسن نصر الله، اغتيال مشروع المقاومة وتدميره في نفوس أنصارها، ليس في لبنان أو فلسطين أو سوريا وحسب، بل على امتداد العالم العربيّ.
هو اغتيال توهين العزائم، اغتيال زرع الريبة وخلخلة الصفوف، اغتيال التفرقة والشكّ في حلفائنا وأنفسنا التي زرعت فينا يقين النصر ولم تؤثّر في هذا اليقين مليارات الإعلام الإبراهيميّ، فكان لا بدّ من الاغتيال لإحداث بلبلةِ أسئلةٍ لا تنتهي، خصوصاً أنّ من اغتيل تجسّد في عقولنا وقلوبنا قضيّة كاملة وتسليماً كاملاً بالنصر والتحرير، واقترن اسمه بالقدس والمسجد الأقصى وكنيسة القيامة، لا بل بفلسطين كلها، وأصبحت جملة فلسطين من النهر إلى البحر تتردّد مع إيمان يقينيّ كامل بإمكان التحقّق.
لقد نجح العدوّ في بعضِ ممّا أراده. بلبلة وثرثرة على وسائل التواصل الاجتماعيّ، تشكيك في أنفسنا، وتوجيه أصابع الاتّهام إلى حلفائنا والنيل من وقوفهم الطويل والاستراتيجيّ معنا، وصولاً إلى النيات.
يترافق هذا مع انسجام كاملٍ مع جبهة الإعلام المعادي، من دون أن يشعر كثر من حسني النية بالتطابق شبه الكامل مع طليعة هذا الإعلام المتمثّل بالإعلام "العربيّ" الإبراهيميّ. لكنّ خطاً أكثر عمقاً وتماسكاً ظهر في قلب هذه النشوة الإبراهيميّة من جهة، وفي صفوف المتأثّرين به أو الذين ركبوا موجته عن قصد أو من دونه من جهة أخرى، وهو أنّ العين الآن على الميدان، على ما يفعله المقاومون، من دكِّ للعدوّ وتحصيناته ومراكز قيادته، ومن توسيع دائرة النار داخل الكيان الصهيوني والرعب الذي يعمّ الصهاينة كلّهم داخل فلسطين المحتلّة.
هذا الخطّ بدأ في الظهور سريعاً، مستوعباً الصدمة بأقلّ من 24 ساعة على هول الفاجعة باغتيال السيّد نصر الله، وذلك من دون توجيه، ومن دون تكثيف إعلاميّ بالتوجّه نحوه، مع الأخذ بالأهمّيّة الكبيرة إلى تنبّه قناة الميادين منذ الساعات الأولى إلى التركيز على هذا التوجّه عبر ضيوفها الذين كثّفت معهم هذا الخطّ، ولم تفوّت فرصة نشر منشور أو تغريدة تعزّز هذا الاتّجاه، وكذلك قناة المنار، وإن بأقلّ تأثيراً، نتيجة للظروف المفروضة عليها.
يحسم ما ذُكر آنفاً أمران: الأوّل هو أنّ ما راكمته المقاومة عبر السنين الماضية من ثقة بها ويقين بانتصارها لم يزعزعه هول المصاب باستشهاد قائدها، بل كان استشهاده دليلاً ومحفّزاً جديداً على الثقة الكاملة من جمهورها ومحبّيها وأنصارها بقدرتها على إيلام العدوّ وخلخلته وكسره في أماكن كثيرة يتمّ التعتيم عليها والتكتّم الكامل على خسائره فيها. والثاني هو أنّ الشهيد نصر الله لم يكن فرداً قائداً للمقاومة، يتمتّع بخير ما يجب أن يتمتّع به القائد فحسب، بل هو نهج ومسار فكر، وقد كان تأسيسه، عبر العقود الماضية وحتّى قبيل استشهاده، لهذا النهج المتمثّل في استمرار المقاومة وقوّتها التنظيميّة والعقائدية وبنيتها، صحيحاً وناجحاً، وقد تحقّق كاملاً، بدليل أنّ شعار "كلّنا نصر الله" قد طُبّق خير تطبيق، ومن عامّة الأنصار، مثلما كان عند المقاومين في الميدان.
لقد أصبح خيار المقاومة والإيمان بحتميّة انتصارها خياراً شعبياً، وأصبحت مقولة أنّ أيّام الكيان الصهيونيّ قريبة، وأن زواله مسألة وقت، قناعة راسخة في الرأي العام، وذلك نتيجة لما رآه على الأرض من أفعال وإمكانيّات للمقاومة، وأنّ ما كان يردّده الشهيد نصر الله من أنّنا منتصرون لا محالة، لم يكن كلاماً لمجرّد الكلام كما يشيع الإعلام المعادي، وأنّه باستشهاده الذي أفرحهم لساعات قد حقّق ما كان يردّده وقد تحقّق العالم منه كذلك.
اليوم، ونحن نرى ما يفعله المقاومون من بسالة نادرة واستثنائية على الحدود مع فلسطين المحتلّة، ومن الشلل شبه الكامل الذي أحدثوه في كيان العدوّ، يتأكّد للعالم كلّه كذلك أنّ القائد ما زال يقود المعركة، وإن كان شهيداً.